بَعْدَ أَن تُوَلُّواْ مُدْبِرِينَ } من عبادتها إلى عيدكم، وقرىء تَوَلّوا من التولي بحذف إحدى التاءين ويعضُدها قوله تعالى :﴿ فَتَوَلَّوْاْ عَنْهُ مُدْبِرِينَ ﴾ والفاء في قوله تعالى :﴿ فَجَعَلَهُمْ ﴾ فصيحةٌ أي فولَّوا فجعلهم ﴿ جُذَاذاً ﴾ أي قُطاعاً فُعال بمعنى مفعول من الجذّ الذي هو القطعُ كالحُطام من الحطْم الذي هو الكسرُ، وقرىء بالكسر وهي لغة أو جمعُ جذيذ كخِفاف وخفيف، وقرىء بالفتح وجُذُذاً جمع جذيذ وجُذَذاً جمع جُذة. روي أن آزر خرج به في يوم عيدٍ لهم فبدأوا ببيت الأصنام فدخلوه فسجدوا لها ووضعوا بينها طعاماً خرجوا به معهم وقالوا : إلى أن تَرجِعَ بركتَه الآلهةُ على طعامنا، فذهبوا وبقيَ إبراهيمُ عليه السلام فنظر إلى الأصنام وكانت سبعين صنماً مصطفّاً وثمّةَ صنمٌ عظيم مستقبلَ الباب، وكان من ذهب وفي عينيه جوهرتان تضيئان بالليل فكسر الكلَّ بفأس كانت في يده ولم يبق إلا الكبيرُ وعلّق الفأس في عنقه وذلك قوله تعالى :﴿ إِلاَّ كَبِيراً لَّهُمْ ﴾ أي للأصنام ﴿ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ ﴾ أي إلى إبراهيمَ عليه السلام ﴿ يَرْجِعُونَ ﴾ فيحاجّهم بما سيأتي فيحجّهم ويبكّتهم، وقيل : يرجعون إلى الكبير فيسألونه عن الكاسر لأن من شأن المعبودِ أن يُرجَعَ إليه في المُلمّات، وقيل : يرجِعون إلى الله تعالى وتوحيدِه عند تحقّقهم عجزَ آلهتِهم عن دفع ما يصيبهم وعن الإضرار بمن كسرهم. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٦ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon