وقال الشوكانى فى الآيات السابقة :
﴿ وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ (٧١) ﴾
قد تقدّم أن لوطاً هو ابن أخي إبراهيم، فحكى الله سبحانه ها هنا أنه نجى إبراهيم ولوطاً إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين.
قال المفسرون : وهي أرض الشام، وكانا بالعراق وسماها سبحانه مباركة لكثرة خصبها وثمارها وأنهارها، ولأنها معادن الأنبياء ؛ وأصل البركة : ثبوت الخير، ومنه برك البعير إذا لزم مكانه فلم يبرح.
وقيل : الأرض المباركة : مكة، وقيل : بيت المقدس، لأن منها بعث الله أكثر الأنبياء، وهي أيضاً كثيرة الخصب، وقد تقدّم تفسير العالمين.
ثم قال سبحانه ممتناً على إبراهيم ﴿ وَوَهَبْنَا لَهُ إسحاق وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً ﴾ النافلة : الزيادة، وكان إبراهيم قد سأل الله سبحانه أن يهب له ولداً، فوهب له إسحاق، ثم وهب لإسحاق يعقوب من غير دعاء، فكان ذلك نافلة، أي زيادة ؛ وقيل : المراد بالنافلة هنا : العطية، قاله الزجاج.
وقيل : النافلة هنا : ولد الولد، لأنه زيادة على الولد، وانتصاب ﴿ نافلة ﴾ على الحال.
قال الفراء : النافلة : يعقوب خاصة، لأنه ولد الولد ﴿ وَكُلاًّ جَعَلْنَا صالحين ﴾ [ الأنبياء : ٧٢ ] أي وكل واحد من هؤلاء الأربعة : إبراهيم ولوط وإسحاق ويعقوب، لا بعضهم دون بعض جعلناه صالحاً عاملاً بطاعة الله تاركاً لمعاصيه.
وقيل : المراد بالصلاح هنا : النبوّة.
﴿ وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا ﴾ أي رؤساء يقتدى بهم في الخيرات وأعمال الطاعات، ومعنى ﴿ بأمرنا ﴾ بأمرنا لهم بذلك، أي بما أنزلنا عليهم من الوحي ﴿ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الخيرات ﴾ أي أن يفعلوا الطاعات.
وقيل : المراد بالخيرات : شرائع النبوّات ﴿ وَكَانُواْ لَنَا عابدين ﴾ أي كانوا لنا خاصة دون غيرنا مطيعين، فاعلين لما نأمرهم به، تاركين ما ننهاهم عنه.