وقال أبو حيان :
ولما ذكر تعالى ما خص به نبيه داود عليه السلام ذكر ما خص به ابنه سليمان عليه السلام، فقال ﴿ ولسليمان الريح ﴾ وجاء التركيب هنا حين ذكر تسخير الريح لسليمان باللام، وحين ذكر تسخير الجبال جاء بلفظ مع فقال ﴿ وسخرنا مع داود الجبال ﴾ وكذا جاء ﴿ يا جبال أوبي معه ﴾ وقال فسخرنا له الريح تجري بأمره، وذلك أنه لما اشتركا في التسبيح ناسب ذكر مع الدالة على الاصطحاب، ولما كانت الريح مستخدمة لسليمان أضيفت إليه بلام التمليك لأنها في طاعته وتحت أمره.
وقرأ الجمهور ﴿ الريح ﴾ مفرداً بالنصب.
وقرأ ابن هرمز وأبو بكر في رواية بالرفع مفرداً.
وقرأ الحسن وأبو رجاء الرياح بالجمع والنصب.
وقرأ بالجمع والرفع أبو حيوة فالنصب على إضمار سخرنا، والرفع على الابتداء و﴿ عاصفة ﴾ حال العامل فيها سخرنا في قراءة من نصب ﴿ الريح ﴾ وما يتعلق به الجار في قراءة من رفع ويقال : عصفت الريح فهي عاصف وعاصفة، ولغة أسد أعصفت فهي معصف ومعصفة، ووصفت هذه الريح بالعصف وبالرخاء والعصف الشدة في السير والرخاء اللين.
فقيل : كان ذلك بالنسبة إلى الوقت الذي يريد فيه سليمان أحد الوصفين فلم يتحد الزمان.
وقيل : الجمع بين الوصفين كونها رخاء في نفسها طيبة كالنسيم عاصفة في عملها تبعد في مدة يسيرة كما قال تعالى ﴿ غدوّها شهر ورواحها شهر ﴾ وقيل : الرخاء في البداءة والعصف بعد ذلك في التقول على عادة البشر في الإسراع إلى الوطن، وهذا القول راجع إلى اختلاف الزمان وجريها بأمره طاعتها له على حسب ما يريد، ويأمر.
و﴿ الأرض ﴾ أرض الشام وكانت مسكنه ومقر ملكه.
وقيل : أرض فلسطين.
وقيل : بيت المقدس.
قال الكلبي كان يركب عليها من اصطخر إلى الشام.
قيل : ويحتمل أن تكون ﴿ الأرض ﴾ التي يسير إليها سليمان كائنة ما كانت ووصفت بالبركة لأنه إذا حل أرضاً أصلحها بقتل كفارها وإثبات الإيمان فيها وبث العدل، ولا بركة أعظم من هذا.