ولما نزهه عن الشريك عم فقال :﴿سبحانك﴾ أي تنزهت عن كل نقص، فلا يقدر على الإنجاء من مثل ما أنا فيه غيرك ؛ ثم أفصح بطلب الخلاص بقوله ناسباً إلى نفسه من النقص ما نزه الله عن مثله :﴿إني كنت﴾ أي كوناً كبيراً ﴿من الظالمين﴾ أي في خروجي من بين قومي فبل الإذن، فاعف عني كما هي شيمة القادرين، ولذلك قال تعالى مسبباً عن دعائه :﴿فاستجبنا له﴾ أي أوجدنا الإجابة إيجاد من هو طالب لها تصديقاً لظنه أن لن نعاقبه " أنا عند ظن عبدي بي " والآية تفهم أن شرط الكون مع من يظن الخير دوام الذكر وصدق الإلتجاء، وقال الرازي في اللوامع : وشرط كل من يلتجىء إلى الله أن يبتدىء بالتوحيد ثم بالتسبيح والثناء ثم بالاعتراف والاستغفار والاعتذار، وهذا شرط كل دعاء - انتهى.
ولما كان التقدير : فخلصناه مما كان فيه، عطف عليه قوله، تنبيهاً على أنهما نعمتان لأن أمره مع صعوبته كان في غاية الغرابة :﴿ونجيناه﴾ أي بالعظمة البالغة تنجية عظيمة، وأنجيناه إنجاء عظيماً ﴿من الغم﴾ الذي كان ألجأه إلى المغاضبة ومن غيره، قال الرازي : وأصل الغم الغطاء على القلب - انتهى.
فألقاه الحوت على الساحل وأظله الله بشجرة القرع.


الصفحة التالية
Icon