فقال له الملك : فمن ترى وكان في مملكته خمسة من الأنبياء، فقال يونس بن متى : فإنه قوي أمين فدعا الملك بيونس وأمره أن يخرج فقال يونس : هل أمرك الله بإخراجي ؟ قال : لا، قال فهل سماني لك ؟ قال : لا قال فههنا أنبياء غيري، فألحوا عليه فخرج مغاضباً للملك ولقومه فأتى بحر الروم فوجد قوماً هيأوا سفينة فركب معهم فلما تلججت السفينة تكفأت بهم وكادوا أن يغرقوا، فقال الملاحون : ههنا رجل عاص أو عبد آبق لأن السفينة لا تفعل هذا من غير ريح إلا وفيها رجل عاص، ومن رسمنا أنا إذا ابتلينا بمثل هذا البلاء أن نقترع فمن وقعت عليه القرعة ألقيناه في البحر، ولأن يغرق [ و] أحد خير من أن تغرق السفينة، فاقترعوا ثلاث مرات فوقعت القرعة فيها كلها على يونس عليه السلام، فقال : أنا الرجل العاصي والعبد الآبق، وألقى نفسه في البحر فجاء حوت فابتلعه، فأوحى الله تعالى إلى الحوت لا تؤذ منه شعرة.
فإني جعلت بطنك سجناً له ولم أجعله طعاماً لك، ثم لما نجاه الله تعالى من بطن الحوت نبذه بالعراء كالفرخ المنتوف ليس عليه شعر ولا جلد، فأنبت الله تعالى عليه شجرة من يقطين يستظل بها ويأكل من ثمرها حتى اشتد، فلما يبست الشجرة حزن عليها يونس عليه السلام فقيل له : أتحزن على شجرة ولم تحزن على مائة ألف أو يزيدون، حيث لم تذهب إليهم ولم تطلب راحتهم.


الصفحة التالية
Icon