قال القاضي أبو محمد : ولفظة سيد ولفظة خير شيئان، فهذا مبدأ جمع آخر بين الأحاديث يذهب ما يظن من التعارض، وقوله ﴿ مغاضباً ﴾ قيل إنه غاضب قومه حين طال عليه أمرهم وتعنتهم فذهب فاراً بنفسه وقد كان الله تعالى أمره بملازمتهم والصبر على دعائهم فكان ذنبه في مخالفة هذا الأمر، وروي أنه كان شاباً فلم يحمل أثقال النبوءة وتفسخ تحتها كما يتفسخ الربع تحت الحمل ولهذا قيل للنبي ﷺ ﴿ ولا تكن كصاحب الحوت ﴾ [ القلم : ٤٨ ] أي اصبر ودم على الشقاء بقومك، وقالت فرقة إنما غاضب الملك الذي كان على قومه ع وهذا نحو من الأول فيما يلحق منه يونس عليه السلام، وقال الحسن بن أبي الحسن وغيره إنما ذهب ﴿ مغاضباً ﴾ ربه واستفزه إبليس، ورووا في ذلك أن يونس لما طال عليه أمر قومه طلب من الله تعالى عذابهم فقيل له إن العذاب يجيئهم يوم كذا، فأخبرهم يونس بذلك فقالوا إن رحل عنا فالعذاب نازل وإن أقام بيننا لم نبال، فلما كان سحر ذلك اليوم قام يونس فرجل فأيقنوا بالعذاب فخرجوا بأجمعهم إلى البراز، وفرقوا بين صغار البهائم وأمهاتها وتضرعوا وتابوا، فرفع الله تعالى عنهم العذاب وبقي يونس في موضعه الذي خرج إليه فنظر فلما عرف أَنهم لم يعذبوا ساءه أن عدوه كاذباً وقال والله لا انصرفت إليهم أَبداً.


الصفحة التالية
Icon