وقال ابن زيد، وسليمان التيمي : المعنى : أفظنَّ أن لن نَقْدِر عليه ؛ فعلى هذا الوجه يكون استفهاماً قد حُذفت ألفه ؛ وهذا الوجه يدل على أنه من القدرة، ولا يتصوّر إِلا مع تقدير الاستفهام، ولا أعلم له وجهاً إِلا أن يكون استفهام إِنكار، تقديره : ما ظنّ عجزنا، فأين يهرب منا؟!.
قوله تعالى :﴿ فنادى في الظلمات ﴾ فيها ثلاثة أقوال.
أحدها : أنها ظلمة البحر، وظلمة بطن الحوت، وظلمة الليل، قاله سعيد ابن جبير، وقتادة، والأكثرون.
والثاني : أن حوتاً جاء فابتلع الحوت الذي هو في بطنه، فنادى في ظلمة حوت، ثم في ظلمة حوت، ثم في ظلمة البحر، قاله سالم ابن أبي الجعد.
والثالث : أنها ظلمة الماء، وظلمة مِعى السمكة، وظلمة بطنها، قاله ابن السائب.
وقد روى سعد بن أبي وقاص عن رسول الله ﷺ أنه قال :" إِني لأعلم كلمة لا يقولها مكروب إِلا فرج الله عنه، كلمة أخي يونس : فنادى في الظلمات أن لا إِله إِلا أنت، سبحانك إِني كنت من الظالمين " قال الحسن : وهذا اعتراف [ من ] يونس بذنْبه وتوبة من خطيئته.
قوله تعالى :﴿ فاستجبنا له ﴾ أي : أجبناه ﴿ ونجَّيناه من الغَمِّ ﴾ أي : من الظلمات ﴿ وكذلك نُنْجِي المؤمنين ﴾ إِذا دعونا.
وروى أبو بكر عن عاصم أنه قرأ :"نُجّي المؤمنين" بنون واحدة مشددة الجيم ؛ قال الزجاج : وهذا لَحْنٌ لا وجه له، وقال أبو علي الفارسي : غلط الراوي عن عاصم، ويدل على هذا إِسكانه الياء من "نُجّي" ونصب "المؤمنين"، ولو كان على ما لم يُسم فاعله ما سكّن الياء، ولرفع "المؤمنين". أ هـ ﴿زاد المسير حـ ٥ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon