وذكر ابن أبي الدنيا حدّثنا يوسف بن موسى حدّثنا عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون قال : حدّثنا عبد الله بن مسعود في بيت المال قال : لما ابتلع الحوت يونس عليه السلام أهوى به إلى قرار الأرض، فسمع يونس تسبيح الحصى فنادى في الظلمات ظلمات ثلاث : ظلمة بطن الحوت، وظلمة الليل، وظلمة البحر ﴿ أَن لاَّ إله إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظالمين ﴾ ﴿ فَنَبَذْنَاهُ بالعرآء وَهُوَ سَقِيمٌ ﴾ كهيئة الفرخ الممعوط الذي ليس عليه ريش.
وقالت فرقة منهم سالم بن أبي الجعد : ظلمة البحر، وظلمة حوت التقم الحوت الأوّل.
ويصح أن يعبر بالظلمات عن جوف الحوت الأوّل فقط ؛ كما قال :"فِي غَيَابَات الْجُبِّ" وفي كل جهاته ظلمة فجمعها سائغ.
وذكر الماوردي : أنه يحتمل أن يعبر بالظلمات عن ظلمة الخطيئة، وظلمة الشدّة، وظلمة الوحدة.
وروي : أن الله تعالى أوحى إلى الحوت :"لا تؤذ منه شعرة فإني جعلت بطنك سجنه ولم أجعله طعامك" وروي : أن يونس عليه السلام سجد في جوف الحوت حين سمع تسبيح الحيتان في قعر البحر.
وذكر ابن أبي الدنيا حدثنا العباس بن يزيد العبدي حدثنا إسحاق بن إدريس حدثنا جعفر بن سليمان عن عوف عن سعيد بن أبي الحسن قال : لما التقم الحوت يونس عليه السلام ظن أنه قد مات فطول رجليه فإذا هو لم يمت فقام إلى عادته يصلي فقال في دعائه :"واتخذت لك مسجداً حيث لم يتخذه أحد".
وقال أبو المعالي : قوله ﷺ :" لا تفضّلوني على يونس بن متى " المعنى فإني لم أكن وأنا في سدرة المنتهى بأقرب إلى الله منه، وهو في قعر البحر في بطن الحوت.
وهذا يدل على أن الباري سبحانه وتعالى ليس في جهة.
وقد تقدّم هذا المعنى في "البقرة" و"الأعراف".
﴿ أَن لاَّ إله إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظالمين ﴾ يريد فيما خالف فيه من ترك مداومة قومه والصبر عليهم.


الصفحة التالية
Icon