﴿ إِنّى كُنتُ مِنَ الظالمين ﴾ [ الأنبياء : ٨٧ ] فما أوحى إليه هو الدعاء بعدم مؤاخذته بما صدر منه فالاستجابة عبارة عن قبول توبته وعدم مؤاخذته، وليس ما بعده تفسيراً له بل زيادة إحسان على مطلوبه ولذا عطف بالواو اه.
ولا يخفى أن ما ذكره لا يتسنى في قوله تعالى :﴿ وَنُوحاً إِذْ نادى مِن قَبْلُ فاستجبنا لَهُ فنجيناه وَأَهْلَهُ مِنَ الكرب العظيم ﴾ [ الأنبياء : ٧٦ ] وقوله سبحانه :﴿ وَزَكَرِيَّا إِذْ نادى رَبَّهُ رَبّ لاَ تَذَرْنِى فَرْداً وَأَنتَ خَيْرُ الوارثين فاستجبنا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يحيى ﴾ [ الأنبياء : ٨٩، ٩٠ ] إذ لم يكن سؤال نوح عليه السلام بطريق الإيماء مع أنه ق لتعالى في قصته ﴿ فنجينا ﴾ [ الأنبياء : ٧٦ ] بالفاء وزكريا عليه السلام لم يصدر منه ما يعد ذنباً بالنسبة إليه ليتلطف في سؤال عدم المؤاخذة مع أنه قال سبحانه في قصته ﴿ الألباب وَوَهَبْنَا ﴾ [ الأنبياء : ٩٠ ] بالواو فلا بد حينئذ من بيان نكتة غير ما ذكر للتعبير في كل موضع من هذين الموضعين بما عبر، وسيأتي إن شاء الله تعالى ما ذكره الشهاب في الآية الأخيرة، وربما يقال : إنه جيء بالفاء التفصيلية في قصتي نوح.
وأيوب عليهما السلام اعتناء بشأن الاستجابة لمكان الإجمال والتفصيل لعظم ما كانا فيه وتفاقمه جداً، ألا ترى كيف يضرب المثل ببلاء أيوب عليه السلام حيث كان في النفس والأهل والمال واستمر إلى ما شاء الله تعالى وكيف وصف الله تعالى ما نجى الله سبحانه منه نوحاً عليه السلام حيث قال عز وجل ﴿ فنجيناه وَأَهْلَهُ مِنَ الكلب العظيم ﴾ [ الأنبياء : ٧٦ ] ولا كذلك ما كان فيه ذو النون.


الصفحة التالية
Icon