تنبيهات :
الأول : يونس عليه السلام يسمى في التوراة يونان وهو عبراني. ويقال إنه من جَت حافَر وهي قرية في سبط زبولون، في شمال الأرض المقدسة. وإنه نُبِّئَ قبل المسيح بنحو ثمانمائة سنة. والله أعلم.
الثاني : أكثر المفسرين كما حكاه الرازي على أن يونس ذهب مغاضباً لربه. وأنه ظن بإباقه إلى الفلك، وتركه المسير إلى نينوى أولاً، أن يترك ولا يقاصّ. قال بعض المحققين : إنما خالف يونس أولاً الأمر الإلهي وترخص فيه، مخافة أن يظن أنه نبيّ كاذب إذا تاب أهل نينوى وعفا الله عن جرمهم. وإيثار صيغة المبالغة في مغاضباً للمبالغة. لأن أصله يكون بين اثنين، يجهد كل منهما في غلبة الآخر. فيقتضي بذل المقدور والتناهي. فاستعمل في لازمه للمبالغة، دون قصد مفاعلة وقد استدل بظاهر هذه الآية وأمثالها، من ذهب إلى جواز صدور الخطأ من الأنبياء، إلا الكذب في التبليغ، فإنه لا يجوز عليهم الخطأ فيه، لأنه حجة الله على عباده. وإلا ما يجري مجرى بيان الوحي، فإنه لا يجوز عليهم الخطأ في حال بيان المشروع. وهو قول الكرامية في المرجئة كما في " شرح نهج البلاغة " لابن أبي الحديد. وقول الباقلاني من الأشعرية على ما حكاه ابن حزم في " الملل " : وأما الجمهور المانعون من ذلك، فلهم في هذه الآية وأشباهها تأويلات. ونحن نؤثر ما قاله ابن حزم في هذا المقام، لأنه أطلق لساناً، قال رحمه الله : بعد أن حكى مذهب الكرامية المذكور : وذهب أهل السنة والمعتزلة والنجاريّة والخوارج والشيعة إلى أنه لا يجوز البتة أن يقع من نبيّ معصية بعمد لا صغيرة ولا كبيرة.


الصفحة التالية
Icon