الرواية الثانية : قال الحسن رحمه الله : مكث أيوب عليه السلام بعد ما ألقى على الكناسة سبع سنين وأشهراً، ولم يبق له مال ولا ولد ولا صديق غير امرأته رحمة صبرت معه وكانت تأتيه بالطعام وتحمد الله تعالى مع أيوب وكان أيوب مواظباً على حمد الله تعالى والثناء عليه والصبر على ما ابتلاه، فصرخ إبليس صرخة جزعاً من صبر أيوب، فاجتمع جنوده من أقطار الأرض وقالوا له ما خبرك ؟ قال : أعياني هذا العبد الذي سألت الله أن يسلطني عليه وعلى ماله وولده فلم أدع له مالاً ولا ولداً ولم يزدد بذلك إلا صبراً وحمداً لله تعالى، ثم سلطت على جسده فتركته ملقى في كناسة وما يقربه إلا امرأته، وهو مع ذلك لا يفتر عن الذكر والحمد لله، فاستعنت بكم لتعينوني عليه فقالوا له : أين مكرك! أين عملك الذي أهلكت به من مضى ؟ قال : بطل ذلك كله في أيوب فأشيروا علي، قالوا : أدليت آدم حين أخرجته من الجنة من أين أتيته ؟ قال من قبل امرأته، قالوا : فشأنك بأيوب من قبل امرأته فإنه لا يستطيع أن يعصيها لأنه لا يقربه أحد غيرها.
قال : أصبتم فانطلق حتى أتى امرأته فتمثل لها في صورة رجل، فقال : أين بعلك يا أمة الله ؟ قالت : هو هذا يحك قروحه وتتردد الدواب في جسده، فلما سمعها طمع أن يكون ذلك كله جزعاً، فوسوس إليها وذكرها ما كان لها من النعم والمال، وذكرها جمال أيوب وشبابه.