أمرتيني أن أذبح لغير الله، وحرام علي أن أذوق بعد هذا شيئاً من طعامك وشرابك الذي تأتيني به، فطردها فذهبت، فلما نظر أيوب في شأنه وليس عنده طعام ولا شراب ولا صديق، وقد ذهبت امرأته خر ساجداً، وقال :﴿رَبِّ إِنّي مَسَّنِيَ الضر وَأَنتَ أَرْحَمُ الراحمين﴾ فقال : ارفع رأسك فقد استجبت لك ﴿اركض بِرِجْلِكَ﴾ فركض برجله فنبعت عين ماء فاغتسل منها، فلم يبق في ظاهر بدنه دابة إلا سقطت منه، ثم ضرب برجله مرة أخرى فنبعت عين أخرى فشرب منها، فلم يبق في جوفه داء إلا خرج وقام صحيحاً، وعاد إليه شبابه وجماله حتى صار أحسن ما كان، ثم كسى حلة فلما قام جعل يلتفت فلا يرى شيئاً مما كان له من الأهل والولد والمال، إلا وقد ضعفه الله تعالى حتى صار أحسن مما كان، حتى ذكر أن الماء الذي اغتسل منه تطاير على صدره جراداً من ذهب، قال : فجعل يضمه بيده فأوحى الله إليه يا أيوب ألم أغنك ؟ قال : بلى ولكنها بركتك فمن يشبع منها، قال : فخرج حتى جلس على مكان مشرف، ثم إن امرأته قالت : هب أنه طردني أفأتركه حتى يموت جوعاً وتأكله السباع لأرجعن إليه، فلما رجعت ما رأت تلك الكناسة ولا تلك الحال وإذا بالأمور قد تغيرت، فجعلت تطوف حيث كانت الكناسة وتبكي وذلك بعين أيوب عليه السلام، وهابت صاحب الحلة أن تأتيه وتسأله عنه فأرسل إليها أيوب عليه السلام ودعاها وقال : ما تريدين يا أمة الله ؟ فبكت وقالت : أردت ذلك المبتلي الذي كان ملقى على الكناسة، فقال لها أيوب عليه السلام : ما كان منك، فبكت وقالت بعلي، فقال : أتعرفينه إذا رأيتيه، قالت وهل يخفى على أحد يراه! فتبسم وقال : أنا هو، فعرفته بضحكه فاعتنقته ثم قال إنك أمرتيني أن أذبح سخلة لإبليس، وإني أطعت الله وعصيت الشيطان ودعوت الله تعالى فرد علي ما ترين.


الصفحة التالية
Icon