وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ إِنَّ هذه أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً ﴾ ل
ما ذكر الأنبياء قال : هؤلاء كلهم مجتمعون على التوحيد ؛ فالأمة هنا بمعنى الدين الذي هو الإسلام ؛ قاله ابن عباس ومجاهد وغيرهما.
فأما المشركون فقد خالفوا الكل.
﴿ وَأَنَاْ رَبُّكُمْ ﴾ أي إلهكم وحدي.
﴿ فاعبدون ﴾ أي أفردوني بالعبادة.
وقرأ عيسى بن عمر وابن أبي إسحاق "إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةٌ واحِدة" ورواها حسين عن أبي عمرو.
الباقون ﴿ أُمَّةً وَاحِدَةً ﴾ بالنصب على القطع بمجيء النكرة بعد تمام الكلام ؛ قاله الفراء.
الزجاج : انتصب "أُمَّةً" على الحال ؛ أي في حال اجتماعها على الحق ؛ أي هذه أمتكم ما دامت أمة واحدة واجتمعتم على التوحيد ؛ فإذا تفرقتم وخالفتم فليس من خالف الحق من جملة أهل الدين الحق ؛ وهو كما تقول : فلان صديقي عفيفاً أي ما دام عفيفاً فإذا خالف العفة لم يكن صديقي.
وأما الرفع فيجوز أن يكون على البدل من "أمتكم" أو على إضمار مبتدأ ؛ أي إن هذه أمتكم، هذه أمة واحدة.
أو يكون خبراً بعد خبر.
ولو نصبت "أمتكم" على البدل من "هذه" لجاز ويكون "أُمَّةٌ وَاحِدَةٌ" خبر "إن".
قوله تعالى :﴿ وتقطعوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ ﴾ أي تفرقوا في الدين ؛ قاله الكلبي.
الأخفش ؛ اختلفوا فيه.
والمراد المشركون ؛ ذمّهم لمخالفتهم الحق، واتخاذهم آلهة من دون الله.
قال الأزهري : أي تفرقوا في أمرهم ؛ فنصب "أَمْرَهُمْ" بحذف "في".
فالمتقطع على هذا لازم وعلى الأوّل متعد.
والمراد جميع الخلق ؛ أي جعلوا أمرهم في أديانهم قطعاً وتقسموه بينهم، فمن موحد، ومن يهوديّ، ومن نصرانيّ، ومن عابد ملك أو صنم.
﴿ كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ ﴾ أي إلى حكمنا فنجازيهم.