ولما قرعهم من هذا الكلام بما لا جواب لهم عنه غير المكابرة، أعرض عنهم الخطاب استهانة بهم واحتقاراً لهم فقال :﴿لو كان هؤلاء﴾ أي الذين أهلوهم لرتبة الإلهية وهم في الحقارة بحيث يقذف بهم في النار قذفاً ﴿ءالهة﴾ أي كما زعم العابدون لهم ﴿ما وردوها﴾ أي جهنم أصلاً، فكيف على هذه الصفة ؛ ثم أخبر عنهم وعنها بقوله :﴿وكل﴾ أي منهم ومنها ﴿فيها﴾ أي جهنم ﴿خالدون﴾ لا انفكاك لهم عنها، بل يحمى بكل منهم فيها على الآخر ﴿لهم﴾ أي لمن فيه الحياة من المذكورين العابدين مطلقاً والمعبودين الراضين كفرعون ﴿فيها زفير﴾ أي تنفس عظيم على غاية من الشد والمد.
تكاد تخرج معه النفس، ويقرنون بآلهتهم زيادة في عذابهم حيث جعل المعبود الذي كان يطلب من السعادة زيادة في الشقاوة فصار عدواً ولا يكون أنكأ من مقارنة العدو.
ولما كانت تعمية الأخبار مما يعدم القرار، ويعظم الأكدار، قال ﴿وهم فيها لا يسمعون﴾ حذف المتعلق تعميماً لكل مسموع، قال ابن كثير : قال ابن أبي حاتم : حدثنا على بن محمد الطنافسي ثنا ابن فضيل ثنا عبد الرحمن - يعني المسعودي - عن أبيه قال : قال ابن مسعود ـ رضى الله عنهم ـ : إذا بقي من يخلد في النار جعلوا في توابيت من نار فيها مسامير من نار فلا يرى أحد منهم أنه يعذب في النار غيره، ثم تلا عبد الله - يعني هذه الآية، قال : ورواه ابن جرير من حديث حجاج بن محمد عن المسعودي عن يونس بن خباب عن ابن مسعود فذكره. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٥ صـ ١١٣ ـ ١١٤﴾