وقال ابن الجوزى :
ثم خاطب أهل مكة، فقال :﴿ إِنكم وما تعبدون من دون الله ﴾ يعني : الأصنام ﴿ حَصَبُ جهنم ﴾ وقرأ علي بن أبي طالب، وأبو العالية، وعمر بن عبد العزيز :"حَطَب" بالطاء.
وقرأ ابن عباس، وعائشة، وابن السميفع :"حَضَب" بالضاد المعجمة المفتوحة.
وقرأ عروة، وعكرمة، وابن يعمر، وابن أبي عبلة :"حَضْب جهنم" بإسكان الضاد المعجمة.
وقرأ أبو المتوكل، وأبو حيوة، ومعاذ القارىء :"حِضْب" بكسر الحاء مع تسكين الضاد المعجمة.
وقرأ أبو مجلز، وأبو رجاء، وابن محيصن :"حَصْب" بفتح الحاء وبصاد غير معجمة ساكنة.
قال الزجاج : من قرأ "حصَب جهنم" فمعناه : كلُّ ما يرمى به فيها، ومن قرأ "حطب" فمعناه : ما تُوقَد به، ومن قرأ بالضاد المعجمة، فمعناه : ما تهيج به النار وتُذْكى به.
قال ابن قتيبة : الحصَب : ما أُلقي فيها، وأصله من الحَصْباء، وهو : الحصى، يقال : حصبتُ فلاناً : إِذا رميتَه، حَصْباً، بتسكين الصاد، وما رَمَيْتَ به فهو حَصَب، بفتح الصاد.
قوله تعالى :﴿ أنتم ﴾ يعني : العابدين والمعبودين ﴿ لها واردون ﴾ أي : داخلون.
﴿ لو كان هؤلاء ﴾ يعني : الأصنام ﴿ آلهةً ﴾ على الحقيقة ﴿ ما وردوها ﴾ فيه ثلاثة أقوال.
أحدها : أنه إِشارة إِلى الأصنام، والمعنى : لو كانوا آلهةً ما دخلوا النار.
والثاني : أنه إِشارة إِلى عابديها، فالمعنى : لو كانت الأصنام آلهة، منعت عابديها دخول النار.
والثالث : أنه إِشارة إِلى الآلهة وعابديها، بدليل قوله تعالى :﴿ وكلٌّ فيها خالدون ﴾ يعني : العابد والمعبود.
قوله تعالى :﴿ لهم فيها زفير ﴾ قد شرحنا معنى الزفير في [ هود : ١٠٦ ].
وفي علَّة كونهم لا يسمعون ثلاثة أقوال.
أحدها : أنه يوضع في مسامعهم مسامير من نار، ثم يُقذَفون في توابيت من نار مقفلة عليهم، رواه أبو أُمامة عن رسول الله ﷺ في حديث طويل.