وقال أبو السعود :
﴿ إِنَّ هذه ﴾ أي ملةَ التوحيد والإسلام أشير إليها بهذه تنبيهاً على كمال ظهور أمرِها في الصحة والسَّداد ﴿ أُمَّتُكُمْ ﴾ أي ملتُكم التي يجب أن تحافظوا على حدودها وتُراعوا حقوقَها ولا تُخِلّوا بشيء منها والخطابُ للناس قاطبة ﴿ أُمَّةً وَاحِدَةً ﴾ نصب على الحالية من أمتُكم أي غيرَ مختلفة فيما بين الأنبياء عليهم السلام، إذ لا مشاركةَ لغيرها في صحة الاتباعِ ولا احتمال لتبدّلها وتغيُّرها كفروع الشرائعِ المتبدلة حسب تبدّلِ الأممِ والأعصار، وقرىءأمتَكم بالنصب على البدلية من اسم إن أمةٌ واحدةٌ بالرفع على الخبرية وقرئتا بالرفع على أنهما خبران ﴿ وَأَنَاْ رَبُّكُمْ ﴾ لا إله لكم غيري ﴿ فاعبدون ﴾ خاصة لا غيرُ.
وقوله تعالى :﴿ وَتَقَطَّعُواْ أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ ﴾ التفاتٌ إلى الغَيبة لينعى عليهم ما أفسدوه من التفرق في الدين وجعلِ أمره قِطَعاً مُوَزّعةً وينهى قبائحَ أفعالهم إلى الآخرين كأنه قيل : ألا ترَون إلى عظيم ما ارتكب هؤلاء في دين الله الذي أجمعت عليه كافةُ الأنبياء عليهم السلام ﴿ كُلٌّ ﴾ أي كلُّ واحدة من الفرق المتقطّعة أو كلُّ واحد من آحاد كلِّ واحدة من تلك الفرق ﴿ إِلَيْنَا راجعون ﴾ بالبعث لا إلى غيرنا فنجازيهم حينئذ بحسب أعمالهم، وإيرادُ اسمِ الفاعل للدِلالة على الثبات والتحقق.


الصفحة التالية
Icon