ولما كانت هذه الأفعال على غاية من الأهوال، تتشوف بها النفس إلى معرفة اليوم الذي تكون فيه، قال تعالى شافياً لعيّ هذا السؤال، زيادة في تهويل ذلك اليوم لمن له وعي :﴿يوم﴾ أي تكون هذه الأشياء يوم ﴿نطوي﴾ أي بما لنا من العظمة الباهرة ﴿السماء﴾ طياً فتكون كأنها لم تكن ؛ ثم صور طيّها بما يعرفون فقال مشبهاً للمصدر الذي دل عليه الفعل :﴿كطيّ السجل﴾ أي الكتاب الذي له العلو والقدرة على مكتوبه ﴿للكتب﴾ أي القرطاس الذي يكتبه ويرسله إلى أحد، وإنما قلت ذلك لأن السجل يطلق على الكتاب وعلى الكاتب - قاله في القاموس، واختير للفاعل لفظ السجل لما مضى في سورة هود من أن هذه المادة تدور على العلو، وللمطوي لفظا الكتاب الدال على الجمع، لكونه لازماً للطي، مع أن ذلك أنسب لما جعل كل منهما مثالاً له، وقراءة المفرد لمقابلة لفظ السماء، والجمع للدلالة على أن المراد الجنس، فجميع السماوات تطوى ؛ قال ابن كثير : قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ثنا محمد بن أحمد بن أحمد بن الحجاج الرقي حدثنا محمد بن سلمة عن أبي الواصل عن أبي المليح عن الأزدي عن أبي الجوزاء الأزدي عن ابن عباس ـ رضى الله عنهما ـ قال : يطوي الله السماوات السبع بما فيها من الخليفة، والأرضين السبع بما فيها من الخليفة، يطوي ذلك كله بيمينه حتى يكون ذلك بمنزلة خردلة.