وروى النّسائي عن ابن عباس عن النبي ﷺ أنه قال :" يحشر الناس يوم القيامة عُراة غُرْلاً أوّل الخلق يكسى يوم القيامة إبراهيم عليه السلام ثم قرأ ﴿ كَمَا بَدَأْنَآ أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ ﴾ "
أخرجه مسلم أيضاً عن ابن عباس قال : قام فينا رسول الله ﷺ بموعظة فقال :" يا أيها الناس إنكم تحشرون إلى الله حُفاة عُراة غُرْلاً ﴿ كَمَا بَدَأْنَآ أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَآ إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ ﴾ ألا وإن أوّل الخلائق يكسى يوم القيامة إبراهيم عليه السلام " وذكر الحديث.
وقد ذكرنا هذا الباب في كتاب "التذكرة" مستوفى.
وذكر سفيان الثوري عن سلمة بن كهيل عن أبي الزعراء عن عبد الله بن مسعود قال : يرسل الله عز وجل ماء من تحت العرش كمنيّ الرجال فتنبت منه لُحمانهم وجسمانهم كما تنبت الأَرَضُ بالثرى.
وقرأ ﴿ كَمَا بَدَأْنَآ أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ ﴾.
وقال ابن عباس : المعنى نهلك كل شيء ونفنيه كما كان أوّل مرة ؛ وعلى هذا فالكلام متصل بقوله :﴿ يَوْمَ نَطْوِي السمآء ﴾ أي نطويها فنعيدها إلى الهلاك والفناء فلا تكون شيئاً.
وقيل : نفني السماء ثم نعيدها مرة أخرى بعد طيها وزوالها ؛ كقوله :﴿ يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرض غَيْرَ الأرض والسماوات ﴾ [ إبراهيم : ٤٨ ] والقول الأوّل أصح وهو نظير قوله :﴿ وَلَّقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ ﴾ وقوله عز وجل :﴿ وَعُرِضُواْ على رَبِّكَ صَفَّاً لَّقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ ﴾ [ الكهف : ٤٨ ].
﴿ وَعْداً ﴾ نصب على المصدر ؛ أي وعدنا وعداً ﴿ عَلَيْنَآ ﴾ إنجازه والوفاء به أي من البعث والإعادة، ففي الكلام حذف.
ثم أكد ذلك بقوله جل ثناؤه :﴿ إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ ﴾ قال الزجاج : معنى ﴿ إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ ﴾ إنا كنا قادرين على ما نشاء.


الصفحة التالية
Icon