وقال القاسمى :
﴿ إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى ﴾
أي : الخصلة الحسنى، وهي السعادة أو التوفيق :﴿ أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ ﴾ لأنهم في غرفات الجنان آمنون. إذ وقاهم ربهم عذاب السعير :﴿ لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا ﴾ أي : صوتاً يحس به منها، لبعدهم عنها وعما يفزعهم :﴿ وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ ﴾ أي : للحشر كما قال تعالى :﴿ وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ ﴾ [ النمل : ٨٧ ]، ﴿ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ﴾ أي : تستقبلهم مهنئين لهم قائلين :﴿ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ﴾ أي في الدنيا، وتبشرون بنيل المثوبة الحسنى فيه. وقوله تعالى :
﴿ يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ ﴾ أي : اذكره. أو ظرف لـ :﴿ لا يحزنهم ﴾ أو لـ :﴿ تتلقاهم ﴾. والطيّ ضد النشر. وقوله :﴿ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ ﴾ أي : كما يطوى السجل وهو الكتاب. واللام في للكتب لام التبيين. ولذلك قرئ : الكتاب بالإفراد. أو بمعنى من وفيه قرب من الأول. أو الكتب بمعنى المكتوب. أي : كطي الصحيفة على مكتوبها. فاللام بمعنى على وهو ما اختاره ابن جرير.
تنبيه :
ما نقل عن ابن عباس أن السجل اسم رجل كان يكتب للنبيّ صلوات الله عليه، كما رواه أبو داود والنسائي وغيرهما، فأثر منكر لا يصح.
قال ابن كثير : وقد صرح بوضعه جماعة من الحفاظ، وإن كان في سنن أبي داود. منهم شيخنا الحافظ أبو الحجاج المِزِيّ.
وكذلك تقدم في رده الإمام ابن جرير وقال : لا يعرف في الصحابة أحد اسمه السجل. وكُتَّابُ النبيّ صلوات الله عليه، معروفون، وليس فيهم أحد اسمه السجل.
وصدق رحمه الله في ذلك. وهو من أقوى الأدلة على نكارة هذا الحديث.