قوله ﴿ يَوْمَ نَطْوِي السمآء ﴾ منصوب بقوله :﴿ لاَ يَحْزُنُهُمُ الفزع ﴾ [ الأنبياء : ١٠٣ ]، أو بقوله ﴿ وَتَتَلَقَّاهُمُ ﴾ [ الأنبياء : ١٠٣ ]. وقد ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أنه يوم القيامة يطوي السماء كطي السجل للكتب. وصرح في " الزمر " بأن الأرض جميعاً قبضته يوم القيامة، وأن السموات مطويات بيمينه، وذلك في قوله :﴿ وَمَا قَدَرُواْ الله حَقَّ قَدْرِهِ والأرض جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ القيامة والسماوات مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وتعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [ الزمر : ٦٧ ]. وما ذكره من كون السموات مطويات بيمينه في هذه الآية جاء في الصحيح أيضاً عن النَّبي ﷺ وقد قدمنا مراراً أن الواجب في ذلك إمراره كما جاء، والتصديق به مع اعتقاد أن صفة الخالق أعظم من أن تماثل صفة المخلوق. وأقوال العلماء في معنى قوله ﴿ كَطَيِّ السجل لِلْكُتُبِ ﴾ راجعة إلى أمرين :
الأول أن السجل الصحيفة : والمراد بالكتب : ما كتب فيها، واللام بمعنى على، أي كطي السجل على الكتب، أي كطي الصحيفة على ما كتب فيها، وعلى هذا فطي السجل مصدر مضاف إلى مفعوله، لأن السجل على هذا المعنى مفعول الطي.
الثاني أن السجل ملك من الملائكة، وهو الذي يطوي كتب أعمال بني آدم إذا رفعت إليه، ويقال : إنه في السماء الثالثة، ترفع إليه الحفظة الموكلون بالخلق أعمال بني آدم في كل خميس واثنين، وكان من أعوانه ( فيما ذكروا ) هاروت وماروت، وقيل، إنه لا يطوي الصحيفة حتى يموت صاحبها فيرفعها ويطويها إلى يوم القيامة، وقول من قال : إن السجل صحابي، كاتب للنبي ﷺ ظاهر السقوط كما ترى.


الصفحة التالية
Icon