﴿ يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ ﴾
جملة مستأنفة قصد منها إعادة ذكر البعث والاستدلال على وقوعه وإمكانِه إبطالاً لإحالة المشركين وقوعه بعلة أن الأجساد التي يدّعي بعثها قد انتابها الفناء العظيم ﴿ وقالوا أإذا كنا تراباً وعظاماً أإنا لفي خلق جديد ﴾ [ السجدة : ١٠ ] والمناسبة في هذا الانتقال هو ما جرى من ذكر الحشر والعقاب والثواب من قوله تعالى ﴿ لهم فيها زفير ﴾ [ الأنبياء : ١٠٠ ] وقوله تعالى :﴿ إن الذين سبقت لهم منا الحسنى ﴾ [ الأنبياء : ١٠١ ] الآية.
وقد رُتّب نظم الجملة على التقديم والتأخير لأغراض بليغة.
وأصل الجملة : نعيد الخلق كما بدأنا أولَ خلق يوم نطوي السماء كطي السجل للكتاب وعْداً علينا.
فحُوّل النظم فقدم الظرف بادىء ذي بَدء للتشويق إلى متعلقه، ولما في الجملة التي أضيف إليها الظرف من الغرابة والطباققِ إذ جعل ابتداءُ خلق جديد وهو البعث مؤقتاً بوقت نقض خَلق قديم وهو طي السماء.
وقدم ﴿ كما بدأنا أول خلق ﴾ وهو حال من الضمير المنصوب في ﴿ نعيده ﴾ للتعجيل بإيراد الدليل قبل الدعوى لتتمكن في النفس فضلَ تمكّن.
وكل ذلك وجوه للاهتمام بتحقيق وقوع البعث، فليس قوله ﴿ يوم نطوي السماء ﴾ متعلقاً بما قبله من قوله تعالى :﴿ وتتلقاهم الملائكة ﴾ [ الأنبياء : ١٠٣ ].
وعقب ذلك بما يفيد تحقق حصول البعث من كونه وعداً على الله بتضمين الوعد معنى الإيجاب، فعدي بحرف ( على ) في قوله تعالى :﴿ وعداً علينا ﴾ أي حقاً واجباً.
وجملة ﴿ إنا كنا فاعلين ﴾ مؤكّدة بحرف التوكيد لتنزيل المخاطبين منزلة من ينكر قدرة الله لأنهم لما نَفَوا البعث بعلة تعذر إعادة الأجسام بعد فنائها فقد لزمهم إحالتهم ذلك في جانب قدرة الله.
والمراد بقوله ﴿ فاعلين ﴾ أنه الفاعل لِما وُعد به، أي القادر.
والمعنى : إنا كنا قادرين على ذلك.


الصفحة التالية
Icon