من لطائف الإمام القشيرى فى الآية
قال عليه الرحمة :
﴿ إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ (١٠١) ﴾
﴿ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الحُسْنَى ﴾ : أي الكلمة بالحسنى، والمشيئة والإرادة بالحسنى، لأن الحسنى فعله، وقوله :﴿ سَبَقَتْ ﴾ إخبار عن قِدَمِه، والذي كان لهم في القِدَمِ هو الكلمة التي هي صفة تعلَّقَتْ بهم في معنى الإخبار بالسعادة.
ثم قال :﴿ أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ ﴾ أي عن النار، ولم يقل متباعدون لِيَعْلَمَ العالِمُون أن المدارَ على التقدير، وسَابقِ الحُكْم من الله، لا على تَبَاعُدِ العبد أو بتقرُّبه.
لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ (١٠٢)
يدل على ذلك أنهم لا يُعَذَّبون فيها بكل وجهٍ. والمراد منه العِبَادُ من المؤمنين الذين لا جُرْمَ لهم.
﴿ وَهُمْ فِى مَا اشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ ﴾ : مقيمين لا يبرحون.
لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (١٠٣)
قيل الفزَعُ الأكبرُ قول المَلَكِ :﴿ لاَ بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ ﴾ [ الفرقان : ٢٢ ].
ويقال إذا قيل :﴿ وَامْتَازُوا اليَوْمَ أَيُّهَا المُجْرِمُونَ ﴾ [ يس : ٥٩ ].
ويقال إذا قيل : يا أهلَ الجنةِ... خلوداً لا موتَ فيه، ويا أهل النار. خلوداً لا موت فيه!
وقيل إذا :﴿ قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلاَ تُكَلِّمُونِ ﴾ [ المؤمنون : ١٠٨ ].
وقيل الفزع الأكبر هو الفراق. وقيل هو اليأس من رحمة الله، وتعريفهم ذلك.
قوله :﴿ وَتَتَلَقَّاهُمُ المَلاَئِكَةُ ﴾ يقال لهم هذا يومكم الذي كنتم وُعِدْتُم فيه بالثواب ؛ فمنهم مَنْ يتلقَّاه المَلَكُ، ومنهم مَنْ يَرِدُ عليه الخطاب والتعريف من المَلِك.