الوجه الثاني : أن يترك قوله وحرام على ظاهره ويجعل في قوله :﴿لاَ يَرْجِعُونَ﴾ صلة زائدة كما أنه صلة في قوله :﴿مَا مَنَعَكَ أَن لاَ تَسْجُد﴾ [ الأعراف : ١٢ ] والمعنى حرام على قرية أهلكناها رجوعهم إلى الدنيا وهو كقوله :﴿فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلاَ إلى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ﴾ [ يس : ٥٠ ] أو يكون المعنى وحرام عليهم رجوعهم عن الشرك وترك الأيمان، وهذا قول طائفة من المفسرين، وهذا كله إذا جعلنا قوله وحرام خبراً لقوله :﴿أَنَّهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ﴾ أما إذا جعلناه خبراً لشيء آخر فالتقدير وحرام على قرية أهلكناها ذاك، وهو المذكور في الآية المتقدمة من العمل الصالح والسعي المشكور غير المكفور ثم علل فقال :﴿أَنَّهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ﴾ عن الكفر فكيف لا يمتنع، ذلك هذا على قراءة إنهم بالكسر والقراءة بالفتح يصح حملها أيضاً على هذا أي أنهم لا يرجعون.
أما قوله تعالى :﴿حتى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مّن كُلّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ * واقترب الوعد الحق فَإِذَا هِىَ شاخصة أبصار الذين كَفَرُواْ﴾ ففيه مسائل :
المسألة الأولى :
أن ( حتى ) متعلقة بحرام فأما على تأويل أبي مسلم فالمعنى أن رجوعهم إلى الآخرة واجب حتى أن وجوبه يبلغ إلى حيث أنه إذا فتحت يأجوج ومأجوج، واقترب الوعد الحق فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا، والمعنى أنهم يكونون أول الناس حضوراً في محفل القيامة، فحتى متعلقة بحرام وهي غاية له ولكنه غاية من جنس الشيء كقولك دخل الحاج حتى المشاة.
وحتى ههنا هي التي يحكى بعدها الكلام.


الصفحة التالية