أما قوله تعالى :﴿واقترب الوعد الحق﴾ فلا شبهة أن الوعد المذكور هو يوم القيامة.
أما قوله :﴿فَإِذَا هِيَ﴾ فاعلم أن ( إذا ) ههنا للمفاجأة فسمى الموعد وعداً تجوزاً، وهي تقع في المجازاة سادة مسد الفاء كقوله :﴿إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ﴾ [ الروم : ٣٦ ] فإذا جاءت الفاء معها تعاونتا على وصل الجزاء بالشرط فيتأكد ولو قيل :﴿إِذَا هِيَ شاخصة﴾ أو فهي شاخصة كان سديداً، أما لفظة ﴿هِيَ﴾ فقد ذكر النحويون فيها ثلاثة أوجه.
أحدها : أن تكون كناية عن الأبصار، والمعنى فإذا أبصار الذين كفروا شاخصة أبصارهم كني عن الإبصار ثم أظهر.
والثاني : أن تكون عماداً ويصلح في موضعها هو فيكون كقوله :﴿إِنَّهُ أَنَا الله﴾ [ النمل : ٩ ] ومثله :﴿فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى الأبصار﴾ [ الحج : ٤٦ ] وجاز التأنيث لأن الأبصار مؤنثة وجاز التذكير للعماد وهو قول الفراء، وقال سيبويه الضمير للقصة بمعنى فإذا القصة شاخصة، يعني أن القصة أن أبصار الذين كفروا تشخص عند ذلك، ومعنى الكلام أن القيامة إذا قامت شخصت أبصار هؤلاء من شدة الأهوال، فلا تكاد تطرف من شدة ذلك اليوم، ومن توقع ما يخافونه، ويقولون :﴿ياويلنا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هذا﴾ يعني في الدنيا حيث كذبناه وقلنا : إنه غير كائن بل كنا ظالمين أنفسنا بتلك الغفلة وبتكذيب محمد ﷺ وعبادة الأوثان، واعلم أنه لا بد قبل قوله يا ويلنا من حذف والتقدير يقولون يا ويلنا. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٢٢ صـ ١٩١ ـ ١٩٢﴾