وثالثها : أن ما يوعدون به من غلبة المسلمين عليهم كائن لا محالة ولا بد أن يلحقهم بذلك الذل والصغار، وإن كنت لا أدري متى يكون، وذلك لأن الله تعالى لم يطلعني عليه.
أما قوله تعالى :﴿إِنَّهُ يَعْلَمُ الجهر مِنَ القول وَيَعْلَمُ مَا تَكْتُمُونَ﴾ فالمقصود منه الأمر بالإخلاص وترك النفاق، لأنه تعالى إذا كان عالماً بالضمائر وجب على العاقل أن يبالغ في الإخلاص.
أما قوله تعالى :﴿وَإِنْ أَدْرِى لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَّكُمْ وَمَتَاعٌ إلى حِينٍ﴾ ففيه وجوه ؛ أحدها : لعل تأخير العذاب عنكم.
وثانيها : لعل إبهام الوقت الذي ينزل بكم العذاب فيه فتنة لكم أي بلية واختبار لكم ليرى صنعكم وهل تحدثون توبة ورجوعاً عن كفركم أم لا.
وثالثها : قال الحسن : لعل ما أنتم فيه من الدنيا بلية لكم والفتنة البلوى والاختبار.
ورابعها : لعل تأخير الجهاد فتنة لكم إذا أنتم دمتم على كفركم، لأن ما يؤدي إلى الضرر العظيم يكون فتنة، وإنما قال لا أدري لتجويز أن يؤمنوا فلا يكون تبقيتهم فتنة بل ينكشف عن نعمة ورحمة.
وخامسها : أن يكون المراد وإن أدري لعل ما بينت وأعلمت وأوعدت فتنة لكم، لأنه زيادة في عذابكم إن لم تؤمنوا لأن المعرض عن الإيمان مع البيان حالاً بعد حال يكون عذابه أشد، وإذا متعه الله تعالى بالدنيا يكون ذلك كالحجة عليه.
أما قوله تعالى :﴿قَالَ رَبّ احكم بالحق﴾ ففيه مسائل :
المسألة الأولى :
قرىء :( قل رب أحكم بالحق ) على الإكتفاء بالكسرة ( ورب احكم ) على الضم ( وربي أحكم ) أفعل التفضيل ( وربي أحكم ) من الإحكام.
المسألة الثانية :
﴿رَبّ احكم بالحق﴾ فيه وجوه : أحدها أي ربي اقض بيني وبين قومي بالحق أي بالعذاب.