وقال ابن الجوزى :
قوله تعالى :﴿ فإن تَوَلَّوا ﴾ أي : أَعْرَضُوا ولم يؤمنوا ﴿ فقل آذنتُكم على سواءٍ ﴾ في معنى الكلام قولان.
أحدهما : نابذتُكم وعاديتُكم وأعلمتُكم ذلك، فصرتُ أنا وأنتم على سواءٍ قد استوينا في العلم بذلك، وهذا من الكلام المختصر، قاله ابن قتيبة.
والثاني : أعلمتكم بالوحي إِليَّ لتستووا في الإِيمان به، قاله الزجاج.
قوله تعالى :﴿ وإِن أدري ﴾ أي : وما أدري ﴿ أقريبٌ أم بعيد ما توعدون ﴾ بنزول العذاب بكم.
﴿ إِنه يعلم الجهر ﴾ وهو ما يقولونه للنبي ﷺ ﴿ متى هذا الوعد ﴾ [ يس : ٤٨ ]، و﴿ ما تَكْتُمون ﴾ إِسرارُهم أن العذاب لا يكون.
قوله تعالى :﴿ لَعَلَّهُ فتنةٌ لكم ﴾ في هاء "لَعَلَّه" قولان.
أحدهما : أنها ترجع إِلى ما آذنهم به، قاله الزجاج.
والثاني : إِلى العذاب ؛ فالمعنى : لعل تأخير العذاب عنكم فتنة، قاله ابن جرير، وأبو سليمان الدمشقي.
ومعنى الفتنة هاهنا : الاختبار، ﴿ ومتاعٌ إِلى حين ﴾ أي : تستمعون إِلى انقضاء آجالكم.
﴿ قُلْ رَبِّ ﴾ وروى حفص عن عاصم :"قال رَبِّ" ﴿ احكم ﴾ قرأ أبو جعفر :"ربُّ احكم" بضم الباء.
وروى زيد عن يعقوب :"ربِّيَ" بفتح الياء "أَحْكَمُ" بقطع الهمزة وفتح الكاف ورفع الميم.
ومعنى "احكم بالحق" أي : بعذاب كفار قومي الذي نزوله حقٌّ، فحكَم عليهم بالقتل في يوم بدر وفيما بعده من الأيام ؛ والمعنى على هذا : افصل بيني وبين المشركين بما يظهر به الحق.
ومعنى ﴿ على ما تصفون ﴾ أي : من كذبكم وباطلكم.
وقرأ ابن عامر، والمفضل عن عاصم :"يصفون" بالياء.
فإن قيل : فهل يجوز على الله أن يحكُم بغير الحق؟
فالجواب : أن المعنى : احكم بحكمك الحق، كأنه استعجل النصر عليهم. أ هـ ﴿زاد المسير حـ ٥ صـ ﴾