واختلف في إعراب الآية فقيل إن ﴿ أَنَّهُ مَن تَوَلاَّهُ ﴾ الخ نائب فاعل ﴿ كتاب ﴾ والجملة في موضع الصفة الثانية لشيطان و﴿ مِنْ ﴾ جزائية وجزاؤها محذوف و﴿ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ ﴾ الخ عطف على ﴿ أَنَّهُ ﴾ مع ما في حيزها وما يتصل بها أي كتب على الشيطان أن الشأن من تولاه أي اتخذه ولياً وتبعه يهلكه فإنه يضله عن طريق الجنة وثوابها ويهديه إلى طريق السعير وعذابها، والفاء لتفصيل الإهلاك كما في قوله تعالى :﴿ فَتُوبُواْ إلى بَارِئِكُمْ فاقتلوا أَنفُسَكُمْ ﴾ [ البقرة : ٥٤ ] وعلى ذلك حمل الطيبي كلام الكشاف وهو وجه حسن إلا أن في كونه مراد الزمخشري خفاء، وقيل ﴿ مِنْ ﴾ موصولة مبتدأ وجملة ﴿ تَوَلاَّهُ ﴾ صلته والضمير المستتر عائده و﴿ أَنَّهُ يُضِلُّهُ ﴾ في تأويل مصدر خبر مبتدأ محذوف أو مبتدأ خبره محذوف والجملة خبر الموصول، ودخول الفاء في خبره على التشبيه بالشرط أي كتب عليه أن الشأن من تولاه فشأنه أو فحق أنه يضله الخ.
ويجوز أن تكون من شرطية والفاء جوابية وما بعدها مع المقدر جواب الشرط.
وقيل ضمير ﴿ أَنَّهُ ﴾ للشيطان وهو اسم ان و﴿ مِنْ ﴾ موصولة أو موصوفة والأول أظهر خبرها والضمير المستتر في ﴿ تَوَلاَّهُ ﴾ لبعض الناس والضمير البارز لمن والجملة صلة أو صفة، وقوله تعالى :﴿ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ ﴾ عطف على ﴿ أَنَّهُ مَن تَوَلاَّهُ ﴾ والمعنى ويتبع كل شيطان كتب عليه أنه هو الذي اتخذه بعد الناس ولياً وأنه يضل من اتخذه ولياً فالأول كأنه توطئة للثاني أي يتبع شيطاناً مختصاً به مكتوباً عليه أنه وليه وأنه مضله فهو لا يألو جهداً في إضلاله، وهذا المعنى أبلغ من المعنى السابق على احتمال كون من جزائية لدلالته على أن لكل واحد من المجادلين واحداً من مردة الشياطين، وارتضى هذا في "الكشف" وحمل عليه مراد صاحب الكشاف.