" فوائد لغوية وإعرابية "
قال السمين :
﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ (٣) ﴾
و" مَنْ " في ﴿ مَن يُجَادِلُ ﴾ يجوزُ أَنْ تكونَ نكرةً موصوفةً، وأن تكونَ موصولةً. و ﴿ فِي الله ﴾ أي في صفاتِه. و ﴿ بِغَيْرِ عِلْمٍ ﴾ مفعولٌ أو حالٌ مِنْ فاعلِ " يُجادل ". وقرأ زيد بن علي " وَتْبَعُ ".
قوله :﴿ كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ ﴾ : قرأ العامَّةُ " كُتِبَ " مبنياً للمفعولِ وفتحَ " أنَّ " في الموضعين. وفي ذلك وجهان، أحدُهما : أنَّ الضميرَ وما في حَيِّزه في محلِّ رفعٍ لقيامِه مقامَ الفاعل. فالهاءُ في " عليه " وفي " أنه " يعودان على " مَنْ " المتقدمةِ. و " مَنْ " الثانية يجوز أن تكونَ شرطيةً والفاءُ جوابُها، وأن تكونَ موصولةً، والفاءُ زائدةٌ في الخبرِ لشَبَهِ المبتدأ بالشرط. وفُتِحَتْ " أنَّ " الثانيةُ لأنها وما في حَيِّزها في محلِّ رفعٍ خبراً لمبتدأ محذوفٍ، تقديره : فشأنهُ وحالُه أنه يُضِلُّه. أو يُقَدَّر " فَأَنَّه " مبتدأ، والخبر محذوفٌ أي : فله أنَّه يَضِلُّه.
الثاني : قال الزمخشري :" ومَنْ فَتَحَ فلأنَّ الأولَ فاعلُ " كُتِب "، والثاني عَطْفٌ عليه ". قال الشيخ :" وهذا لا يجوزُ ؛ لأنَّك إذا جَعَلْتَ " فأنَّه " عطفاً على " أنَّه " بقيت " أنَّه " بلا استيفاءِ خبرٍ، لأنَّ " مَنْ تَوَلاَّه " " مَنْ " فيه مبتدأةٌ. فإنْ قَدَّرْتَها موصولةً فلا خبرَ لها حتى تَسْتقلَّ خبراً ل " أنه ". وإنْ جَعَلْتَها شرطيةً فلا جوابَ لها ؛ إذ جُعِلَتْ " فأنَّه " عَطْفاً على " أنه ".
قلت : وقد ذَهبَ ابنُ عطية رحمه الله إلى مثلِ قولِ الزمخشري فإنه قال :" وأنَّه " في موضعِ رفعٍ على المفعولِ الذي : لم يُسَمَّ فاعلُه و " أنَّه " الثانيةُ عطفٌ على الأولى مؤكدةً مثلَها ". وهذا رَدٌّ واضحٌ.