﴿من ماء دافق﴾ [ الطارق : ٦ ] وأصلها الماء القليل - قاله البغوي.
وأصل النطف الصب - قاله البيضاوي.
﴿ثم من علقة﴾ أي قطعة دم حمراء جامدة، ليس فيها أهلية للسيلان ﴿ثم من مضغة﴾ أي قطعة لحم صغيرة جداً تطورت إليها النطفة ﴿مخلقة﴾ بخلقة الآدمي التمام ﴿وغير مخلقة﴾ أي أنشأناكم من تراب يكون هذا شأنه، وهو أنا ننقله في هذه الأطوار إلى أن يصير مضغة، فتارة يخلقها ويكون منها آدمياً، وتارة لا يخلقها بل يخرجها من الرحم فاسدة، أو تحرقها حرارته، أو غير مخلقة تخليقاً تاماً بل ناقصاً مع وجود الروح كشق الذي كان شق آدمي، وسطيح الذي كان علواً بلا سفل ونحوهما ﴿لنبين لكم﴾ كمال قدرتنا، وتمام حكمتنا، وأن ذلك ليس كائناً عن الطبيعة، لأنه لو كان عنها لم يختلف، فدل اختلافه على أنه عن فاعل مختار، قادر قهار، وحذف المفعول إشارة إلى أنه يدخل فيه كل ما يمكن أن يحيط به العقول.
ولما كان التقدير : فنجهض منه ما لا نشاء إتمامه، عطف عليه قوله :﴿ونقر في الأرحام﴾ أي من ذلك الذي خلقناه ﴿ما نشاء﴾ إتمامه ﴿إلى أجل مسمى﴾ قدرناه لإتمامه ما بين ستة أشهر إلى ما نريد من الزيادة على ذلك، بحسب قوة الأرحام وضعفها، وقوة المخلقات وضعفها وكثرة ما تغتذيه من الدماء وقلته، وزكائه وخبثه، إلى غير ذلك من أحوال وشؤون لا يعلمها إلا بارئها، جلت قدرته، وتعالت عظمته، وأما ما لم نشأ إتمامه فإن الأرحام تمجه بقدرتنا وتلقيه دون التمام أو تحرقه فيضمحل ﴿ثم نخرجكم﴾ بعد ذلك ﴿طفلاً﴾ أي في حال الطفولة من صغر الجثة وضعف البدن والسمع والبصر وجميع الحواس، لئلا تهلكوا أمهاتكم بكبر أجرامكم، وعظم أجسامكم، وهو يقع على جميع، وعبر به دونه للتساوي في ضعف الظاهر والباطن.