لأن معنى قوله :﴿ثُمَّ رددناه أَسْفَلَ سافلين﴾ [ التين : ٥ ] هو دلالة على الذم فالمراد به ما يجري مجرى العقوبة ولذلك قال :﴿إِلاَّ الذين ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ﴾ [ التين : ٦ ] فهذا تمام الاستدلال بحال خلقة الحيوان على صحة البعث الوجه الثاني : الاستدلال بحال خلقة النبات على ذلك وهو قوله سبحانه وتعالى :﴿وَتَرَى الأرض هَامِدَةً﴾ وهمودها يبسها وخلوها عن النبات والخضرة ﴿فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الماء اهتزت وَرَبَتْ﴾ والاهتزاز الحركة على سرور فلا يكاد يقال اهتز فلان لكيت وكيت إلا إذا كان الأمر من المحاسن والمنافع فقوله :﴿اهتزت وَرَبَتْ﴾ أي تحركت بالنبات وانتفخت.
أما قوله :﴿وَأَنبَتَتْ مِن كُلّ زَوْجٍ بَهِيجٍ﴾ فهو مجاز لأن الأرض ينبت منها والله تعالى هو المنبت لذلك، لكنه يضاف إليها توسعاً، ومعنى ﴿مِن كُلّ زَوْجٍ بَهِيجٍ﴾ من كل نوع من أنواع النبات من زرع وغرس، والبهجة حسن الشيء ونضارته، والبهيج بمعنى المبهج قال المبرد وهو الشيء المشرق الجميل، ثم إنه سبحانه لما قرر هذين الدليلين رتب عليهما ما هو المطلوب والنتيجة وذكر أموراً خمسة أحدها : قوله ذلك :﴿بِأَنَّ الله هُوَ الحق﴾. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٢٣ صـ ٧ ـ ١٠﴾