من ذلك ما في كتاب سيبويه مررت برجل معه صقر صائداً به غداً.
وإذا أمكن حمل السجود على المتعارف فيه كثيراً، وهو وضع الجبهة بالأرض يكون الحال مقارنة أو مقدرة، كان أولى.
وقال الزمخشري : أمروا بالسجود عند الانتهاء إلى الباب، شكراً لله وتواضعاً، وما ذكره ليس مدلول الآية لأنهم لم يؤمروا بالسجود في الآية عند الانتهاء إلى الباب، بل أمروا بالدخول في حال السجود.
فالسجود ليس مأموراً به، بل هو قيد في وقوع المأمور به، وهو الدخول، والأحوال نسب تقييدية، والأوامر نسب إسنادية، فتناقضتا، إذ يستحيل أن يكون الشيء تقييدياً إسنادياً، لأنه من حيث التقييد لا يكتفي كلاماً ومن حيث الإسناد يكتفي، فظهر التناقض.
وفي كيفية دخولهم الباب أقوال : قال ابن عباس وعكرمة : دخلوا من قبل أستاههم، وقال ابن مسعود : دخلوا مقنعي رؤوسهم، وقال مجاهد : دخلوا على حروف أعينهم، وقال مقاتل : دخلوا مستلقين، وقيل : دخلوا منزحفين على ركبهم عناداً وكبراً، والذي ثبت في البخاري ومسلم أنهم دخلوا الباب يزحفون على أستاههم.
فاضمحلت هذه التفاسير، ووجب المصير إلى تفسير رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقوله :﴿وقولوا حطة﴾، حطة : مفر، ومحكي القول لا بد أن يكون جملة، فاحتيج إلى تقدير مصحح للجملة، فقدر مسألتنا حطة هذا تقديراً لحسن بن أبي الحسن.
وقال الطبري : التقدير دخولنا الباب كما أمرنا حطة، وقال غيرهما : التقدير أمرك حطة.
وقيل : التقدير أمرنا حطة، أي أن نحط في هذه القرية ونستقر فيها.
قال الزمخشري : والأصل النصب بمعنى حط عنا ذنوبنا حطة، وإنما رفعت لتعطي معنى الثبات كقوله :
صبر جميل فكلانا مبتلى...
والأصل صبراً.
انتهى كلامه، وهو حسن.
ويؤكد هذا التخريج قراءة إبراهيم بن أبي عبلة : حطة بالنصب، كما روي :
صبراً جميلاً فكلانا مبتلي...
بالنصب.