وأما قوله سبحانه فى سورة البقرة :" وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة " وعكس ذلك فى الأعراف فوجه ذلك والله أعلم ان قولهم : حطة دعاء أمروا به فى سجودهم فلو ورد فى السورتين على حد سواء لأوهم من حيث مقتضى الواو من الاحتمال أنهم أمروا بالسجود والقول منفصلين غير مساوق أحدهما للآخر على أحد محتملات الواو فى عدم الرتبة فقدم وأخر فى السورتين ليحرز المجموع أن المراد بهدا القول ان يكون فى حال السجود لا قبله ولابعده وتعين بهذا معنى المعيه من محتملات الواو وتحرر المقصود وان المراد : وادخلوا الباب سجدا قائلين فى سجودكم حطة فاكتفى بتقلب الورود عن الافصاح بمعنى المعيه ايجازا جليلا وبلاغة عظيمة وقدم فى البقرة الأمر بالسجود لأن ابتداء السجود يتقدم ابتداء الدعاء ثم يتساوق المطلوبان فجاء ذلك على الترتيب الثابت فى السور ولآى والله أعلم.
ومما يجب تمهيده لتخليص هذه المفهوم ان العرب الفصحاء إذا أخبرت عن مخبر ما أو أناطت به حكما من الأحكام وقد شركه غيره فى ذلك الحكم أو فيما أخبر به عنه وفد عطفت أحدهما على الآخر بالواو المقتضية عدم الترتيب فنهم مع ذلك إنما يبدأون بلأهم والأولى قال سيبويه رحمه الله :" كأنهم يقدمون ما بيانه أهم لهم وهم به أعنى " هذا معنى كلامه رحمه الله، قال الله سبحانه وتعالى :" وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة " فهذان مطلوبان مقامهما فى الطلب اليمانى معلوم ولكن المبدؤ به أهم.
وقال الله تعالى :" وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول " وقال تعالى :" آمنوا بالله ورسوله " وقال تعالى :" والله ورسوله أحق أن يرضوه ".