ولا يخفى ما في هذه الأجوبة من النظر، أما في الأول والثاني والثامن والعاشر فلأنها إنما تصح إذا كانت سورة البقرة متقدمة على سورة الأعراف نزولاً كما أنها متقدمة عليها ترتيباً وليس كذلك، فإن سورة البقرة كلها مدنية، وسورة الأعراف كلها مكية إلا ثمان آيات من قوله تعالى :﴿وَسْئَلْهُمْ عَنِ القرية﴾ إلى قوله تعالى :﴿وَإِذ نَتَقْنَا الجبل﴾ [ الأعراف : ١٦٣ ١٧١ ] وقوله تعالى :﴿اسكنوا هذه القرية﴾ [ الأعراف : ١٦١ ] داخل في الآيات المكية، فحينئذ لا تصح الأجوبة المذكورة.
وأما ما ذكر في التاسع فيرد عليه منع عدم تعلق الأكل بالسكون لأنهم إذا سكنوا القرية، تتسبب سكناهم للأكل منها كما ذكر الزمخشري، فقد جمعوا في الوجود بين سكناها والأكل منها، فحينئذ لا فرق بين ﴿كُلُواْ﴾ و ﴿فَكُلُواْ﴾ فلا يتم الجواب، وأما الثالث فلأنه تعالى وإن قال في الأعراف ( ١٦١ ) ﴿وَإِذْ قِيلَ﴾ لكنه قال في السورتين :﴿نَّغْفِرْ لَكُمْ﴾ [ البقرة : ٥٨، الأعراف : ١٦١ ] وأضاف الغفران إلى نفسه، فبحكم تلك اللياقة ينبغي أن يذكر في السورتين جمع الكثرة بل لا شك أن رعاية ﴿نَّغْفِرْ لَكُمْ﴾ أولى من رعاية ﴿وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ﴾ لتعلق الغفران بالخطايا كما لا يخفى على العارف بالمزايا.
وأما الرابع فلأنه تعالى وإن لم يسند الفعل إلى نفسه تعالى لكنه مسند إليه في نفس الأمر، فينبغي أن يذكر الإنعام الأعظم في السورتين.
وأما الخامس فلأن القصة واحدة، وكون بعضهم مذنبين وبعضهم غير مذنبين محقق فعلى مقتضى ما ذكر ينبغي أن يذكر ﴿وَقُولُواْ حِطَّةٌ﴾ مقدماً في السورتين.