﴿وَإِذْ قُلْنَا ادخلوا هذه القرية﴾ أي المحل المقدس الذي هو مقام المشاهدة ﴿وادخلوا الباب﴾ الذي هو الرضا بالقضاء، فهو باب الله تعالى الأعظم ﴿سُجَّدًا﴾ منحنين خاضعين لما يرد عليكم من التجليات، واطلبوا أن يحط الله تعالى عنكم ذنوب صفاتكم وأخلاقكم وأفعالكم، فإن فعلتم ذلك ﴿نَّغْفِرْ لَكُمْ خطاياكم﴾ " فمن تقرب إليّ شبراً تقربت إليه ذراعاً.
ومن تقرب إليّ ذراعاً، تقربت إليه باعاً.
ومن أتاني يمشي أتيته هرولة " ﴿وَسَنَزِيدُ المحسنين﴾ [ البقرة : ٥٨ ] أي المشاهدين " ما لا عين رأيت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر " وهل ذلك إلا الكشف التام عن الذات الأقدس.
﴿فَبَدَّلَ الذين ظَلَمُواْ﴾ أنفسهم وأضاعوها ووضعوها في غير موضعها اللائق بها ﴿قَوْلاً غَيْرَ الذي قِيلَ لَهُمْ﴾ ابتغاءاً للحظوظ الفانية والشهوات الدنية.
﴿فَأَنزَلْنَا﴾ [ البقرة : ٩ ٥ ] على الظالمين خاصة، عذاباً وظلمة وضيقاً في سجن الطبيعة، وإسراً في وثاق التمني، وقيد الهوى، وحرماناً، وذلاً بمحبة الماديات السفلية، والإعراض عن هاتيك التجليات العلية، وذلك من جهة قهر سماء الروح، ومنع اللطف والروح عنهم بسبب فسقهم وخروجهم عن طاعة القلب الذي لا يأمر إلا بالهدى كما ورد في الأثر " إستفت قلبك وإن أفتاك المفتون " إلى طاعة النفس الأمارة بالسوء.
وهذا هو البلاء العظيم، والخطب الجسيم.
من كان يرغب في السلامة فليكن...
أبداً من الحدق المراض عياذه
لا تخدعنك بالفتور فإنه...
نظر يضر بقلبك استلذاذه
إياك من طمع المنى فعزيزه...
كذليله، وغنيه شحاذه. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ١ صـ ٢٦٦ ـ ٢٦٩﴾