وقال أبو حيان فى الآيات السابقة :
﴿ وَمِنَ الناس مَن يَعْبُدُ الله على حَرْفٍ ﴾
من ﴿ يعبد الله ﴾ نزلت في أعراب من أسلم وغطفان تباطؤوا عن الإسلام وقالوا : نخاف أن لا ينصر محمد فينقطع ما بيننا وبين حلفائنا من يهود فلا يقرونا ولا يؤونا.
وقيل : في أعراب لا يقين لهم يسلم أحدهم فيتفق تثمير ماله وولادة ذكر وغير ذلك من الخير، فيقول : هذا دين جيد أو ينعكس حاله فيتشاءم ويرتد كما جرى للعرنيين قال معناه ابن عباس ومجاهد وقتادة وغيرهم.
وعن ابن عباس : في شيبة بن ربيعة أسلم قبل ظهور الرسول ( ﷺ )، فلما أوحى إليه ارتد.
وقيل :" في يهودي أسلم فأصيب فتشاءم بالإسلام، وسأل الرسول إلا قاله فقال :"إن الإسلام لا يقال" " فنزلت.
وعن الحس : هو المنافق يعبده بلسانه دون قلبه.
وقال ابن عيسى : على ضعف يقين.
وقال أبو عبيد ﴿ على حرف ﴾ على شك.
وقال ابن عطية ﴿ حرف ﴾ على انحراف منه عن العقيدة البيضاء، أو على شفا منها معداً للزهوق.
وقال الزمخشري ﴿ على حرف ﴾ على طرف من الدين لا في وسطه وقلبه، وهذا مثل لكونهم على قلق واضطراب في دينهم لا على سكون وطمأنينة كالذي يكون على طرف من العسكر، فإن أحسن بظفر وغنيمة قرّ واطمأنّ وإلاّ فرّ وطار على وجهه انتهى.
وخسرانه الدنيا إصابته فيها بما يسوؤه من ذهاب ماله وفقد أحبائه فلم يسلم للقضاء.
وخسران الآخرة حيث حرم ثواب من صبر فارتد عن الإسلام.
وقرأ مجاهد وحميد والأعرج وابن محيصن من طريق الزعفراني وقعنب والجحدري وابن مقسم خاسر الدنيا اسم فاعل نصباً على الحل.
وقرىء خاسر اسم فاعل مرفوعاً على تقدير وهو خاسر.
وقال الزمخشري : والرفع على الفاعلية ووضع الظاهر موضع الضمير وهو وجه حسن انتهى.