وحمل بعض قائلي هذا القول النصر هنا على الرزق كما قالوا : أرض منصورة أي ممطورة.
وقال الشاعر :
وإنك لا تعطي امراً فوق حقه...
ولا تملك الشق الذي أنت ناصره
أي معطيه.
وقال : وقف علينا سائل من بني بكر فقال : من ينصرني نصره الله، فالمعنى من كان يظن أن لن يرزقه الله فيعدل عن دين محمد لهذا الظن كما وصف في قوله ﴿ وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه ﴾ فليبلغ غاية الجزع وهو الاختناق، فإن ذلك لا يبلغه إلاّ ما قدر له ولا يجعله مرزوقاً أكثر مما قسم له، ويحتمل على هذا القول أن يكون النصر على بابه أي من كان يظن أن لن ينصره الله في الدنيا والآخرة فيغتاظ لانتفاء نصره فليمدد، ويدل على قوله فيغتاظ قوله ﴿ هل يذهبن كيده ما يغيظ ﴾ ويكون معنى قوله ﴿ فليمدد بسبب إلى السماء ثم ليقطع ﴾ فليتحيل بأعظم الحيل في نصرة الله إياه ثم ليقطع الحبل ﴿ فلينظر هل يذهبن كيده ﴾ وتحيله في إيصال النصر إليه الشيء الذي يغيظه من انتفاء نصره بتسلط أعدائه عليه.
وقال الزمخشري : هذا كلام دخله اختصار والمعنى : أن الله ناصر رسوله في الدنيا والآخرة، فمن كان يظن من حاسديه وأعاديه أن الله يفعل خلاف ذلك ويطمع فيه ويغيظه أنه لا يظفر بمطلوبه فليستقص وسعه وليستفرغ مجهوده في إزالة ما يغيظه بأن يفعل ما يفعل من بلغ منه الغيظ كل مبلغ حتى مدّ حبلاً إلى سماء بيته فاختنق، ﴿ فلينظر ﴾ وليصور في نفسه أنه إن فعل ذلك هل يذهب نصر الله الذي يغيظه، وسمي الاختناق قطعاً لأن المختنق يقطع نفسه بحبس مجاريه، ومنه قيل للبهر القطع وسمى فعله كيداً لأنه وضعه موضع الكيد حيث لم يقدر على غيره أو على سبيل الاستهزاء لأنه لم يكد به محسوده، إنما كاد به نفسه، والمراد ليس في يده إلاّ ما ليس بمذهب لما يغيظه.
وقيل ﴿ فليمدد ﴾ بحبل ﴿ إلى السماء ﴾ المظلة وليصعد عليه فليقطع الوحي أن ينزل عليه وهذا قول ابن زيد.
وقيل : الضمير في ﴿ ينصره ﴾ عائد على الدين والإسلام.