فالمعنى : أي هو معرض عن الحق في جِدَاله ومُوَلٍّ عن النظر في كلامه ؛ وهو كقوله تعالى :﴿ ولى مُسْتَكْبِراً كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا ﴾ [ لقمان : ٧ ].
وقوله تعالى :﴿ لَوَّوْاْ رُءُوسَهُمْ ﴾ [ المنافقون : ٥ ].
وقوله :﴿ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ ﴾ [ الإسراء : ٨٣ ].
وقوله :﴿ ذَهَبَ إلى أَهْلِهِ يتمطى ﴾ [ القيامة : ٣٣ ].
﴿ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ الله ﴾ أي عن طاعة الله تعالى.
وقرىء "لِيَضِل" بفتح الياء.
واللام لام العاقبة ؛ أي يجادل فيضل ؛ كقوله تعالى :﴿ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً ﴾ [ القصص : ٢٨ ] أي فكان لهم كذلك.
ونظيره ﴿ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْكُم بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ لِيَكْفُرُواْ ﴾ [ النحل : ٥٤ ٥٥ ].
﴿ لَهُ فِي الدنيا خِزْيٌ ﴾ أي هوان وذلّ بما يجري له من الذكر القبيح على ألسنة المؤمنين إلى يوم القيامة ؛ كما قال :﴿ وَلاَ تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَّهِينٍ ﴾ [ القلم : ١٠ ] الآية.
وقوله تعالى :﴿ تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ ﴾ [ المسد : ١ ].
وقيل : الخزي هاهنا القتل ؛ فإن النبيّ ﷺ قتل النضر بن الحارث يوم بدر صَبْراً ؛ كما تقدّم في آخر الأنفال.
﴿ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ القيامة عَذَابَ الحريق ﴾ أي نار جهنم.
﴿ ذلك بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ ﴾ أي يقال له في الآخرة إذا دخل النار : ذلك العذاب بما قدمت يداك من المعاصي والكفر.
وعبّر باليد عن الجملة ؛ لأن اليد التي تفعل وتبطِش للجملة.
و"ذلِك" بمعنى هذا، كما تقدّم في أوّل البقرة. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ١٢ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon