اختلفوا في أن المراد بقوله :﴿وَمِنَ الناس مَن يجادل فِى الله بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شيطان مَّرِيدٍ﴾ [ الحج : ٣ ] من هم ؟ على وجوه : أحدها : قال أبو مسلم الآية الأولى وهي قوله :﴿وَمِنَ الناس مَن يجادل فِى الله بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ ويتبع كل شيطان مريد واردة في الأتباع المقلدين وهذه الآية واردة في المتبوعين المقلدين، فإن كلا المجادلين جادل بغير علم وإن كان أحدهما تبعاً والآخر متبوعاً وبين ذلك قوله :﴿وَلاَ هُدًى وَلاَ كتاب مُّنِيرٍ﴾ فإن مثل ذلك لا يقال في المقلد، وإنما يقال فيمن يخاصم بناء على شبهة، فإن قيل : كيف يصح ما قلتم والمقلد لا يكون مجادلاً ؟ قلنا قد يجادل تصويباً لتقليده وقد يورد الشبهة الظاهرة إذا تمكن منها وإن كان معتمده الأصلي هو التقليد وثانيها : أن الآية الأولى نزلت في النضر بن الحرث، وهذه الآية في أبي جهل وثالثها : أن هذه الآية نزلت أيضاً في النضر وهو قول ابن عباس رضي الله عنهما وفائدة التكرير المبالغة في الذم وأيضاً ذكر في الآية الأولى اتباعه للشيطان تقليداً بغير حجة، وفي الثانية مجادلته في الدين وإضلاله غيره بغير حجة والوجه الأول أقرب لما تقدم.
المسألة الثانية :
الآية دالة على أن الجدال مع العلم والهدى والكتاب المنير حق حسن على ما مر تقريره.
المسألة الثالثة :


الصفحة التالية
Icon