﴿ يَدْعُواْ مِن دُونِ الله ﴾ قيل استئناف ناع عليه بعض قبائحه، وقيل استئناف مبين لعظم الخسران، ويجوز أن يكون حالاً من فاعل ﴿ انقلب ﴾ وما تقدمه اعتراض، وأياً كان فهو يبعد كون الآية في أحد من اليهود لأنهم لا يدعون الأصنام وإن اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله.
والظاهر أن المدعو الأصنام لمكان ما في قوله تعالى :﴿ مَا لاَ يَضُرُّهُ وَمَا لاَ يَنفَعُهُ ﴾ والمراد بالدعاء العبادة أي يعبد متجاوزاً عبادة الله تعالى ما لا يضره إن لم يعبده وما لا ينفعه إذا عبده، وجوز أن يراد بالدعاء النداء أي ينادي لأجل تخليصه مما أصابه من الفتنة جماداً ليس من شأنه الضر والنفع، ويلوح بكون المراد جماداً كذلك كما في إرشاد العقل السليم تكرير كلمة ما ﴿ ذلك ﴾ أي الدعاء ﴿ هُوَ الضلال البعيد ﴾ عن الحق والهدى مستعار من ضلال من أبعد في التيه ضالاً عن الطريق.
﴿ يَدْعُو لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِن نَّفْعِهِ ﴾ استئناف يبين مآل دعائه وعبادته غير الله تعالى ويقرر كون ذلك ضلالاً بعيداً من إزاحة ما عسى أن يتوهم من نفي الضرر عن معبوده بطريق المباشرة نفيه عنه بطريق التسبب أيضاً فالدعاء هنا بمعنى القول كما في قول عنترة
: يدعون عنترة الرماح كأنها...
أشطان بئر في لبان الأدهم