فحسبوا أن طعام الجنة وفاكهتها كفاكهة الدنيا التي أكلوها من قبل، فيُبيِّن لهم ربهم أنها ليستْ كفاكهة الدنيا ﴿ وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً.. ﴾ [ البقرة : ٢٥ ] يعني : أنواعاً مختلفة للصنف الواحد.
ثم يقول الحق :﴿ وهدوا إِلَى الطيب مِنَ القول.. ﴾.
( هُدُوا ) هداهم الله، فالذي دلّهم على وسائل دخول الجنة والتمتّع فيها بالسكن والزينة واللباس كذلك يهديهم الآن في الجنة ويدلّهم على كيفية شُكر المنعم على هذه النعمة، هذا معنى :﴿ وهدوا إِلَى الطيب مِنَ القول.. ﴾ [ الحج : ٢٤ ] هذا القول الطيب لخَّصته آيات أخرى، ومنها قوله تعالى :﴿ الحمد للَّهِ الذي صَدَقَنَا وَعْدَهُ.. ﴾ [ الزمر : ٧٤ ].
وقوله :﴿ الحمد للَّهِ.. * الذي أَحَلَّنَا دَارَ المقامة مِن فَضْلِهِ.. ﴾ [ فاطر : ٣٤ - ٣٥ ].
وقوله :﴿ الحمد للَّهِ الذي أَذْهَبَ عَنَّا الحزن.. ﴾ [ فاطر : ٣٤ ]
فحين يدخل أهل الجنةِ الجنةَ، ويباشرون النعيم المقيم لا يملكون إلا أنْ يقولوا : الحمد لله، كما يقول الحق سبحانه عنهم :﴿ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الحمد للَّهِ رَبِّ العالمين ﴾ [ يونس : ١٠ ].
وقالوا :﴿ الطيب مِنَ القول.. ﴾ [ الحج : ٢٤ ] هو كلمة التوحيد : لا إله إلا الله، فهذه الكلمة هي المعشوقة التي أتتْ بنا إلى الجنة، والمعنى يسَع كل كلام طيب، كما قال سبحانه :﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ الله مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السمآء ﴾ [ إبراهيم : ٢٤ ].
ثم يقول تعالى :﴿ وهدوا إلى صِرَاطِ الحميد ﴾ [ الحج : ٢٤ ] أي : هداهم الله إلى طريق الجنة، أو إلى الجنة ذاتها، كما قال في آية الكافرين :﴿ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً * إِلاَّ طَرِيقَ جَهَنَّمَ.. ﴾ [ النساء : ١٦٨ - ١٦٩ ]. أ هـ ﴿تفسير الشعراوى صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon