ولعل هذا هو السر في تقديم بيان التحلية على بيان حال اللباس قاله العلامة شيخ الإسلام، ولم يرتض ما قيل : إن التغيير للدلالة على أن الحرير لباسهم المعتاد أو لمجرد المحافظة على هيئة الفواصل، وظاهر كلامهم أن الجملة معطوفة على السابقة، وجوز أن تكون في موضع الحال من ضمير ﴿ يُحَلَّوْنَ ﴾ ثم إن الظاهر أن هذا الحكم عام في كل أهل الجنة، وقيل هو باعتبار الأغلب لما أخرج النسائي.
وابن حبان.
وغيرهما عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله ﷺ :" من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة وإن دخل الجنة لبسه أهل الجنة ولم يلبسه " وحديث عدم لبس ذلك له في الآخرة مذكور في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما مرفوعاً.
والظاهر أن حرمة استعمال الحرير للرجال في غير ما استثنى مجمع عليها وانه يكفر من استحل ذلك غير متأول، ولعل خبر البيهقي في سننه.
وغيره عن ابن الزبير رضي الله تعالى عنهما مرفوعاً " من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة ولم يدخل الجنة " إن صح محمول على ما إذا كان اللبس محرماً بالإجماع وقد استحله فاعله من غير تأول أو على أن المراد لم يدخل الجنة مع السابقين وإلا فعدم دخول اللابس مطلقاً الجنة مشكل.
﴿ وَهُدُواْ إِلَى الطيب مِنَ القول ﴾ وهو قولهم :﴿ الحمد للَّهِ الذى صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الأرض نَتَبَوَّأُ مِنَ الجنة ﴾ [ الزمر : ٧٤ ] كما روي عن ابن عباس، وقيل : ما يعمه وسائر ما يقع في محاورة أهل الجنة بعضاً لبعض، وقيل : إن هذه الهداية في الدنيا فالطيب قول لا إله إلا الله، وفي رواية عن ابن عباس ذلك مع زيادة والحمد لله، وزاد ابن زيد والله أكبر، وعن السدى هو القرآن، وحكى الماوردي هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقيل : ما يعم ذلك وسائر الأذكار ﴿ وَهُدُواْ إلى صراط الحميد ﴾ أي المحمود جداً، وإضافة ﴿ صراط ﴾ إليه قيل بيانية.