﴿لَهُم مّن جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ﴾ [ الأعراف : ٤١ ] عن أنس، وقال سعيد بن جبير من نحاس أذيب بالنار أخذاً من قوله تعالى :﴿سَرَابِيلُهُم مّن قَطِرَانٍ﴾ [ إبراهيم : ٥ ] وأخرج الكلام بلفظ الماضي كقوله تعالى :﴿وَنُفِخَ فِى الصور﴾ [ الكهف : ٩٩ ]، ﴿وَجَاءتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ﴾ [ ق : ٢١ ] لأن ما كان من أمر الآخرة فهو كالواقع.
وثانيها : قوله :﴿يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُؤُوسِهمْ الحميم﴾ يصهر به ما في بطونهم والجلود، الحميم الماء الحار، قال ابن عباس رضي الله عنهما لو سقطت منه قطرة على جبال الدنيا لأذابتها، ( يصهر ) أي يذاب أي إذا صب الحميم على رؤوسهم كان تأثيره في الباطن نحو تأثيره في الظاهر فيذيب أمعاءهم وأحشاءهم كما يذيب جلودهم وهو أبلغ من قوله :﴿وَسُقُواْ مَاء حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَاءهُمْ﴾ [ محمد : ١٥ ].
وثالثها : قوله :﴿وَلَهُمْ مَّقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ﴾ المقامع السياط وفي الحديث " لو وضعت مقمعة منها في الأرض فاجتمع عليها الثقلان ما أقلوها " وأما قوله :﴿كُلَّمَا أَرَادُواْ أَن يَخْرُجُواْ مِنْهَا مِنْ غَمّ أُعِيدُواْ فِيهَا﴾ فاعلم أن الإعادة لا تكون إلا بعد الخروج والمعنى كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم فخرجوا أعيدوا فيها، ومعنى الخروج ما يروى عن الحسن أن النار تضربهم بلهبها فترفعهم حتى إذا كانوا في أعلاها ضربوا بالمقاطع فهووا فيها سبعين خريفاً وقيل لهم ذوقوا عذاب الحريق، والحريق الغليظ من النار العظيم الإهلاك. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٢٣ صـ ١٩ ـ ٢٠﴾


الصفحة التالية
Icon