وقال في الخصم الآخر وهم المؤمنون :﴿ إِنَّ الله يُدْخِلُ الذين ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات جنات تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأنهار ﴾ فبيّن سبحانه حال المؤمنين بعد بيانه لحال الكافرين.
ثم بيّن الله سبحانه بعض ما أعده لهم من النعيم بعد دخولهم الجنة فقال :﴿ يُحَلَّوْنَ فِيهَا ﴾ قرأ الجمهور ﴿ يحلون ﴾ بالتشديد والبناء للمفعول، وقرىء مخففاً، أي يحليهم الله أو الملائكة بأمره.
و" من " في قوله :﴿ مِنْ أَسَاوِرَ ﴾ للتبعيض، أي يحلون بعض أساور، أو للبيان، أو زائدة، و" من " في ﴿ مّن ذَهَبٍ ﴾ للبيان، والأساور : جمع أسورة والأسورة : جمع سوار.
وفي السوار لغتان : كسر السين وضمها، وفيه لغة ثالثة، وهي أسوار.
قرأ نافع وابن كثير وعاصم وشيبة ﴿ ولؤلؤاً ﴾ بالنصب عطف على محل ﴿ أساور ﴾ أي ويحلون لؤلؤاً، أو بفعل مقدّر ينصبه، وهكذا قرأ بالنصب يعقوب والجحدري وعيسى بن عمر، وهذه القراءة هي الموافقة لرسم المصحف فإن هذا الحرف مكتوب فيه بالألف، وقرأ الباقون بالجرّ عطفاً على ﴿ أساور ﴾ أي يحلون من أساور ومن لؤلؤ، واللؤلؤ : ما يستخرج من البحر من جوف الصدف.
قال القشيري : والمراد ترصيع السوار باللؤلؤ، ولا يبعد أن يكون في الجنة سوار من لؤلؤ مصمت كما أن فيها أساور من ذهب ﴿ وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ ﴾ أي جميع ما يلبسونه حرير كما تفيده هذه الإضافة، ويجوز أن يراد أن هذا النوع من الملبوس الذي كان محرّماً عليهم في الدنيا حلال لهم في الآخرة، وأنه من جملة ما يلبسونه فيها، ففيها ما تشتهيه الأنفس، وكل واحد منهم يعطى ما تشتهيه نفسه وينال ما يريده.
﴿ وَهُدُواْ إِلَى الطيب مِنَ القول ﴾ أي أرشدوا إليه، قيل : هو لا إله إلا الله.
وقيل : الحمد لله.
وقيل : القرآن.
وقيل : هو ما يأتيهم من الله سبحانه من البشارات.


الصفحة التالية
Icon