وقال الثعالبى :
قال * ص * : وقوله :﴿ أَن لاَّ تُشْرِكْ ﴾ : أَنْ : مفسِّرةٌ لقولٍ مُقَدَّرٍ، أي : قائلين له، أو موحين له : لا تشرك، وفي التقدير الأول نَظَرٌ فانظره، انتهى.
وقوله تعالى :﴿ وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ والقائمين... ﴾ الآية : تطهيرُ البيت عامٌّ في الكُفْرِ، والبِدَعِ، وجميعِ الأَنْجَاسِ، والدماءِ، وغير ذلك، ﴿ والقائمين ﴾ : هم المصلون، وخَصَّ سبحانه بالذكر من أركان الصلاة أعظَمَها، وهو القيامُ والركوعُ والسجودُ، ورُوِيَ :«أَنَّ إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - لَمَّا أُمِرَ بالأذان بالحج قال : يا رب، وإذا أَذَّنْتُ، فَمَنْ يَسْمَعُنِي؟ فقيل له : نادِ يا إبراهيمُ، فعليك النداءُ وعلينا البلاغ ؛ فصعد على أبي قُبَيْس، وقيل : على حجر المَقَام، ونادى : أَيُّها الناس، إنَّ الله تعالى قد أَمرهم بحجِّ هذا البيتِ ؛ فَحِجُّوا، فَرُوِيَ أَنَّ يومَ نادى أسمع كُلَّ مَنْ يحج إلى يوم القيامة في أصلابِ الرجال، وأجابه كُل شَيءٍ في ذلك الوقْتِ : من جمادٍ، وغيرهِ : لبَّيكَ اللَّهُمَّ لبيك ؛ فجرت التلبيةُ على ذلك» قاله ابن عباس، وابن جبير، ، و ﴿ رِجَالاً ﴾ : جمع رَاجِل، وَال ﴿ ضَامِر ﴾ : قالت فرقة : أراد بها الناقةَ ؛ وذلك أَنه يقال : ناقة ضامرٌ، وقالت فرقة : لفظ «ضامر» يشمل كلَّ مَنِ اتصف بذلك من جمل، أو ناقة، وغيرِ ذلك.
قال * ع * : وهذا هو الأظهر، وفي تقديم ﴿ رِجَالاً ﴾ تفضيلٌ للمُشَاةِ في الحج ؛ وإليه نحا ابن عباس.
قال ابن العربي في «أحكامه» : قوله تعالى :﴿ يَأْتِينَ ﴾ رَدَّ الضمير إلى الإبل ؛ تكرمةً لها لقصدها الحج مع أربابها ؛ كما قال تعالى :﴿ والعاديات ضَبْحاً ﴾ [ العاديات : ١ ].
في خيل الجهاد ؛ تكرمةً لها حين سَعَتْ في سبيل اللّه، انتهى.


الصفحة التالية
Icon