وقال الآلوسى :
﴿ وَإِذْ بَوَّأْنَا لإبراهيم مَكَانَ البيت ﴾
أي اذكر لهؤلاء الكفرة الذين يصدون عن سبيل الله تعالى والمسجد الحرام وقت جعلنا مكان البيت مباءة لجدهم إبراهيم عليه السلام أي مرجعاً يرجع إليه للعمارة والعبادة ويقال بوأه منزلاً إذا أنزله فيه ولما لزمه جعل الثاني مباءة للأول جيء باللام فهي للتعدية، و﴿ مَّكَانَ ﴾ مفعول به.
وقال الزجاج : المعنى بينا له مكان البيت ليبنيه ويكون مباءة له ولعقبه يرجعون إليه ويحجونه، والأول مروى عن ابن عباس، وقيل : اللام زائدة في المفعول به و﴿ مَّكَانَ ﴾ ظرف لبوأنا.
واعترض بأن اللام إنما تزاد إذا قدم المعمول أو كان العامل فرعاً وشيء منهما غير متحقق هنا وأن ﴿ مَكَانَ البيت ﴾ ظرف معين فحقه أن يتعدى الفعل إليه بفي، وفيه نظر كما يعلم من كتب العربية، وقيل : مفعول ﴿ بَوَّأْنَا ﴾ محذوف أي بوأنا الناس واللام في دلإبراهيم } لام العلة أي لأجل إبراهيم أي كرامة له، والمعول عليه ما قدمنا، وتوجيه الأمر بالذكر إلى الوقت مع أن المراد تذكير ما وقع فيه من الحوادث قد مر غير مرة، والمكان المتعارف ما يستقر عليه الشيء ويمنعه من النزول وللعلماء فيه مذاهب وليس هذا مكان تحقيقها، وأصل البيت مأوى الإنسان بالليل نم قد يقال من غير اعتبار الليل فيه وجمعه أبيات وبيوت لكن البيوت بالمسكن أخص والأبيات بالشعر أخص، ويقع ذلك على المتخذ من حجر ومن مدر ومن صوف ووبر، ويعبر عن مكان الشيء ببيته، والمراد بالبيت بيت الله عز وجل الكعبة المكرمة، وقد بنيت خمس مرات، إحداها بناء الملائكة عليهم السلام قبل آدم وكانت من ياقوتة حمراء ثم رفع ذلك البناء إلى السماء أيام الطوفان، والثانية بناء إبراهيم عليه السلام.


الصفحة التالية
Icon