﴿ وَطَهّرْ بَيْتِىَ لِلطَّائِفِينَ والقائمين والركع السجود ﴾ المراد بالطهارة ما يشمل الحسية والمعنوية أي وطهر بيتي من الأوثان والأقذار لمن يطوف به ويصلى عنده، ولعل التعبير عن الصلاة بأركانها من القيام والركوع والسجود للدلالة على أن كل واحد منها مستقل باقتضاء التطهير أو التبوئة على ما قيل : فكيف وقد اجتمعت أو للتنصيص على هذه الأمة المحمدية على نبيها أفضل الصلاة وأكمل التحية إذ اجتماع هذه الأركان ليس إلا في صلاتهم، ولم يعطف السجود لأنه من جنس الركوع في الخضوع، ويجوز أن يكون ﴿ القائمين ﴾ بمعنى المقيمين و﴿ الطائفين ﴾ بعمنى الطارئين فيكون المراد بالركع السجود فقط المصلين إلا أن المتبادر من الطائفين ما ذكر أولاً.
﴿ وَأَذّن فِى الناس ﴾ أي ناد فيهم ﴿ بالحج ﴾ بدعوة الحج والأمر به، أخرج ابن أبي شيبة في المصنف.
وابن جرير.
وابن المنذر.
والحاكم وصححه.
والبيهقي في سننه عن ابن عباس قال :"لما فرغ إبراهيم عليه السلام من بناء البيت قال : رب قد فرغت فقال : أذن في الناس بالحج قال : يا رب وما يبلغ صوتي؟ قال : أذن وعلي البلاغ قال : رب كيف أقول؟ قال : قل يا أيها الناس كتب عليكم الحج إلى البيت العتيق فسمعه أهل السماء والأرض ألا ترى أنهم يجيبون من أقصى البلاد يلبون" وجاء في رواية أخرى عنه أنه عليه السلام صعد أبا قبيس فوضع أصبعيه في أدنيه ثم نادى يا أيها الناس إن الله تعالى كتب عليكم الحج فأجيبوا ربكم أفجابوه بالتلبية في أصلاب الرجال وأرحام النساء، وأول من أجاب أهل اليمن فليس حاج يحج من يومئذ إلى أن تقوم الساعة إلا من أجاب يومئذ إبراهيم عليه السلام، وفي رواية أنه قام على الحجر فنادى، وعن مجاهد أنه عليه السلام قام على الصفا، وفي رواية أخرى عنه أنه عليه السلام تطاول به المقام حتى كان كأطول جبل في الأرض فاذن بالحج، ويمكن الجمع بتكرر النداء، وأياً ما كان فالخطاب لإبراهيم عليه السلام.