وقال ابن عطية :
ثم أخبر تعالى أنه جعل لكل أمة من الأمم المؤمنة ﴿ منكساً ﴾ أي موضع نسك وعبادة وهذا على أن المنسك ظرف المذبح ونحوه، ويحتمل أن يريد به المصدر، وكأنه قال عبادة ونحو هذا، والناسك العابد، وقال مجاهد : سنة في هراقة دماء الذبائح، وقرأ معظم القراء " منسَكاً " بفتح السين وهو من نسك ينسك بضم السين في المستقبل، وقرأ حمزة والكسائي " منسِكاً " بكسر السين قال أبو علي : الفتح أولى لأنه إما المصدر وإما المكان وكلاهما مفتوح والكسر في هذا من الشاذ في اسم المكان أن يكون مفعل من فعل يفعل مثل مسجد من سجد يسجد، ولا يسوغ فيه القياس، ويشبه أن الكسائي سمعه من العرب. وقوله ﴿ ليذكروا اسم الله ﴾ معناه أمرناهم عند ذبائحهم بذكر الله وأن يكون الذبح له لأنه رازق ذلك، ثم رجع اللفظ من الخبر عن الأمم إلى إخبار الحاضرين بما معناه فالإله واحد لجميعكم بالأمر كذلك في الذبيحة إنما ينبغي ان تخلص له، و﴿ أسلموا ﴾ معناه لحقه ولوجهه ولإنعامه آمنوا وأسلموا، ويحتمل أن يريد الاستسلام ثم أمر تعالى نبيه ﷺ أن يبشر بشارة على الإطلاق وهي أبلغ من المفسرة لأنها مرسلة مع نهاية التخيل، و﴿ المخبتين ﴾ المتواضعين الخاشعين من المؤمنين، والخبت ما انخفض من الأرض والمخبت المتواضع الذي مشيه متطامن كأنه في حدود من الأرض وقال عمرو بن أوس المخبتون الذين لا يظلمون إذا ظلموا لم ينتصروا.