أما قوله تعالى :﴿جعلناها لَكُمْ﴾ فاعلم أنه سبحانه لما خلق البدن وأوجب أن تهدى في الحج جاز أن يقول ﴿جعلناها لَكُمْ مّن شعائر الله﴾ أما قوله :﴿لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ﴾ فالكلام فيه ما تقدم في قوله :﴿لَكُمْ فِيهَا منافع﴾ [ الحج : ٣٣ ] وإذا كان قوله :﴿لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ﴾ كالترغيب فالأولى أن يراد به الثواب في الآخرة وما أخلق العاقل بالحرص على شيء شهد الله تعالى بأن فيه خيراً وبأن فيه منافع، أما قوله :﴿فاذكروا اسم الله عَلَيْهَا﴾ ففيه حذف أي اذكروا اسم الله على نحرها، قال المفسرون هو أن يقال عند النحر أو الذبح بسم الله والله أكبر اللهم منك وإليك، أما قوله :﴿صَوَآفَّ﴾، فالمعنى قائمات قد صففن أيديهن وأرجلهن وقرىء صوافن من صفون الفرس، وهو أن تقوم على ثلاث وتنصب الرابعة على طرف سنبكه لأن البدنة تعقل إحدى يديها فتقوم على ثلاث، وقرىء صوافي أي خوالص لوجه الله تعالى لا تشركوا بالله في التسمية على نحرها أحداً كما كان يفعله المشركون، وعن عمرو ابن عبيد صوافياً بالتنوين عوضاً عن حرف الإطلاق عند الوقف، وعن بعضهم صوافي نحو قول العرب اعط القوس باريها ولا يبعد أن تكون الحكمة في إصفافها ظهور كثرتها للناظرين فتقوى نفوس المحتاجين ويكون التقرب بنحرها عند ذلك أعظم أجراً وأقرب إلى ظهور التكبير وإعلاء اسم الله وشعائر دينه، وأما قوله :﴿فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا﴾ فاعلم أن وجوب الجنوب وقوعها على الأرض من وجب الحائط وجبة إذا سقط، ووجبت الشمس وجبة إذا غربت، والمعنى إذا سقطت على الأرض وذلك عند خروج الروح منها ﴿فَكُلُواْ مِنْهَا﴾ وقد ذكرنا اختلاف العلماء فيما يجوز أكله منها ﴿وَأَطْعِمُواْ القانع والمعتر﴾ القانع السائل يقال قنع يقنع قنوعاً إذا سأل قال أبو عبيد هو الرجل يكون مع القوم يطلب فضلهم ويسأل معروفهم ونحوه، قال الفراء والمعنى الثاني القانع هو الذي لا يسأل من القناعة يقال قنع يقنع