السؤال الثالث : أي فائدة في ذكر الصدور مع أن كل أحد يعلم أن القلب لا يكون إلا في الصدر ؟ الجواب : أن المتعارف أن العمى مكانه الحدقة، فلما أريد إثباته للقلب على خلاف المتعارف احتيج إلى زيادة بيان كما تقول : ليس المضاء للسيف ولكنه للسانك الذي بين فكيك، فقولك الذي بين فكيك تقرير لما ادعيته للسان وتثبيت، لأن محل المضاء هو هو لا غير، وكأنك قلت ما نفيت المضاء عن السيف وأثبته للسانك سهواً، ولكني تعمدته على اليقين.
وعندي فيه وجه آخر وهو أن القلب قد يجعل كناية عن الخاطر والتدبر كقوله تعالى :
﴿إِنَّ فِي ذلك لذكرى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ﴾ [ ق : ٣٧ ] وعند قوم أن محل التفكر هو الدماغ فالله تعالى بين أن محل ذلك هو الصدر.
السؤال الرابع : هل تدل الآية على أن العقل هو العلم وعلى أن محل العلم هو القلب ؟ الجواب : نعم لأن المقصود من قوله :﴿قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا﴾ العلم وقوله :﴿يَعْقِلُونَ بِهَا﴾ كالدلالة على أن القلب آلة لهذا التعقل، فوجب جعل القلب محلاً للتعقل ويسمى الجهل بالعمى لأن الجاهل لكونه متحيراً بشبه الأعمى.
﴿ وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ ﴾


الصفحة التالية
Icon