وقال أبو حيان :
ثم أمر نبيه أن يقول لأهل مكة ﴿ يا أيها الناس إنما أنا لكم نذير ﴾ من عذاب الله موضح لكم ما تحذرون أو موضح النذارة لا تلجلج فيها، وذكر النذارة دون البشارة وإن كان التقسيم بعد ذلك يقتضيهما لأن الحديث مسوق للمشركين، و﴿ يا أيها الناس ﴾ نداء لهم وهم المقول فيهم ﴿ أفلم يسيروا ﴾ والمخبر عنهم باستعجال العذاب وإنما ذكر المؤمنون هنا وما أعد الله لهم من الثواب ليغاظ المشركون بذلك وليحرضهم على نيل هذه الرتبة الجليلة التي فيها فوزهم، وحصر النذارة لأن المعنى ليس لي تعجيل عذابكم ولا تأخيره عنكم وإنما أنا منذركم به.
وقال الكرماني : التقدير بشير و﴿ نذير ﴾ فحذف والتقسيم داخل في المقول، والسعي الطلب والاجتهاد في ذلك، ويقال : سعى فلان في أمر فلان فيكون بإصلاح وبإفساد وقد يستعمل في الشر، يقال : فيه سعى بفلان سعاية أي تحيل، وكاد في إيصال الشر إليه وسعيهم بالفساد في آيات الله حيث طعنوا فيها فسموها سحراً وشعراً وأساطير الأولين، وثبطوا الناس عن الإيمان بها.
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو والجحدري وأبو السمال والزعفراني معجزّين بالتشديد هنا وفي حرفي سبأ زاد الجحدري في جميع القرآن أي مثبطين.
وقرأ باقي السبعة بألف.
وقرأ ابن الزبير معجّزين بسكون العين وتخفيف الزاي من أعجزني إذا سبقك ففاتك.
قال صاحب اللوامح : لكنه هنا بمعنى معاجزين أي ظانين أنهم يعجزوننا، وذلك لظنهم أنهم لا يبعثون.
وقيل : في ﴿ معاجزين ﴾ معاندين، وأما معجّزين بالتشديد فإنه بمعنى مثبطين الناس عن الإسلام، ويقال : مثبطين.
وقال الزمخشري : عاجزه سابقه لأن كل واحد منهما في طلب إعجاز الآخر عن اللحاق به، فإذا سبقه قيل أعجزه وعجزه، فالمعنى سابقين أو مسابقين في زعمهم وتقديرهم، طامعين أن كيدهم للإسلام يتم لهم انتهى.


الصفحة التالية
Icon